المغرب في مسار ترسيخ مغربية الصحراء: قراءة في قرار مجلس الأمن”
”
يوسف بنشهيبة باحث في العلوم الجنائية والأمنية.
مهتم بالعلاقات الدولية
في خطوة تاريخية، أكد مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2797 أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق، وكأساس للمفاوضات السياسية النهائية.
ومن خلال قراءة القرار وتحليله، فإن بوادر الاختلاف بين القرار رقم 2797 والقرارات الأخرى المتسلسلة حول الصحراء المغربية يمكن ملاحظتها على مستوى لغة الأمم المتحدة التي تغيرت، ويلاحظ تغير تعاطيها مع النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، اللغة التي تحولت من دعم مقترح ” الحكم الذاتي ” إلى ” تبنيه من قبل مجلس الأمن كحلّ واقعي وتوافقي ونهائي.”
من الناحية السياسية، القرار يؤكد الانتصار السياسي للدبلوماسية المغربية تحت القيادة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، كما أن إشارة مجلس الأمن إلى دور الولايات المتحدة الأمريكية في استضافة المفاوضات تعكس الدعم القوي والكبير لمقترح ومسار الحكم الذاتي، ويدل على التنسيق المحكم بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية.
كما أن هذا القرار ربط بين ضرورة الوصول إلى حل للنزاع بين الأطراف وتحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية في شمال إفريقيا.
ومن خلال ذكر الجزائر في القرار بصفتها “طرفًا معنيًا” “مواصلة المشاورات”، هو تأكيد على مسؤوليتها في النزاع، وليس كما تدّعي أنها دولة تحترم حسن الجوار ودولة محايدة، وهلمّ ما يقال في هذا الصدد. وهذا يضع الجزائر تحت توجيهات مجلس الأمن وتحت الضغط السياسي المباشر للمشاركة في المفاوضات بدل التذرع بأنها “ليست طرفًا في النزاع”.
” رمزية القرار في بعده الإقليمي “، تشير إلى أن حل قضية الصحراء المغربية سيسهم في “سلام دائم في المنطقة”، وهو تلميح صريح إلى أن استمرار النزاع يعرقل التكامل المغاربي وخدمة المنطقة، وربط مجلس الأمن بين الحل السياسي والتنمية الإقليمية في شمال إفريقيا كما سبق الذكر، في انسجام مع الرؤية الملكية الدائمة لربط الأمن بالتنمية، خصوصًا وأن المنطقة بحاجة ماسة إلى خلق اتحاد دولها لمواجهة العديد من التهديدات الأمنية وتحديات أخرى.
القرار يقر بشكل مباشر ورسمي وصريح بأن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق”، أي أن المبادرة المغربية تشكل الأساس القانوني لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو توجيه للأطراف من قبل مجلس الأمن الدولي لتبني هذا الحل المحدد قانونًا.
القرار، وفي إشارة ضمنية، يشير إلى توجه جديد يراد به إعادة تعريف ولاية بعثة المينورسو، حيث إن مجلس الأمن طلب من الأمين العام “مراجعة استراتيجية حول مستقبل البعثة”، وهي إشارة إلى احتمال إعادة صياغة مهام المينورسو.
ختامًا، يمكن القول إن القرار رقم 2797 يمثل نقطة فارقة في مسار قضية الصحراء المغربية، ويترجم بشكل رئيسي “الواقعية الدبلوماسية المغربية” تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
هذا التحول وهذه البداية الجديدة في قضية الصحراء المغربية تعكسان أن التصور المغربي أصبح مدعومًا من طرف القوى الغربية الكبرى، والعديد من دول العالم، هو تحول في لغة مجلس الأمن نحو الاعتراف الواقعي بمبادرة ” الحكم الذاتي ” كأساس نهائي وواقعي لحل النزاع المفتعل حول ” الصحراء المغربية “.