0 878

هشام الدكاني: بيان مراكش

يعتبر العرب من المشجعين الأكثر عاطفة في العالم ، ومن بين جميع الرياضات التي تنتشر في المنطقة ، تظل كرة القدم ملكة الألعاب المحبوبة ، وليس من الصعب فهم السبب وراء ذلك!
فالمنافسات الكروية تعد تجربة حميمة وعاطفية بالنسبة للكثير من الناس ، وعندما يساندون فريقهم المفضل ، يشعرون بوحدة وروح معاشرة مع مشجعين آخرين.. لكن هل يمكننا أن نقول إن كرة القدم بمثابة مخدر للشعوب العربية بهذه الطريقة؟
هل تعطيهم الهروب المؤقت من الواقع المرير والمشاكل المستمرة التي يواجهونها في حياتهم اليومية؟
قد يكون هذا الزعم صحيحا إلى حد ما ، فمباريات كرة القدم الكبرى تذكرنا بأننا جميعا جزء من شيء أكبر من أنفسنا ، حيث يأتي المشجعون من خلفيات مختلفة وثقافات مختلفة لتشجيع فريق واحد ، إبان ذلك الكل ينسى مشاكله المختلفة لبضع ساعات وينغمرون في العاطفة والتحمس والأمل…
قد يبحث البعض عن مساحة حرة ومرح لا يوجد فيها مكان للسياسة أو الفقر أو الفساد.. ويجدون ذلك في ساحرة العقول المستديرة.
ومع ذلك ، ينبغي أيضا علينا أن نفكر في الآثار السلبية لهذا الهروب المؤقت ، فالعشق الزائد لكرة القدم قد يؤدي إلى التقسيم والعنف بين المشجعين وإثارة الفتنة والبغضاء ، وحتى التخلي عن أبسط الحقوق… وقد رأينا ذلك في عدة مباريات كروية ، حيث تحولت إلى حروب حقيقة بين الجماهير المتنافسة..!
قد ينسى الناس أولوياتهم الأساسية المتعلقة بالتعليم والعمل وغيرها من القضايا المهمة كما هو حالنا اليوم (بوطننا الحبيب) ، ويكونون أكثر اهتماما بمنتخباتهم الوطنية.
أما بالنسبة لبعض الدول العربية ، قد يتم ٱستخدامها كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية ، حيث يتم تخدير الشعوب بطرق مختلفة من قبل القادة السياسيين لمنعهم من الإنتفاض والمطالبة بحقوقهم ، ليتم ٱستخدام المنتخبات الوطنية في بعض الأحيان للتحريض على العنف والكراهية بين الناس بدلا من توحيدهم وتعزيز التعاون الإيجابي ، والجارة خير مثال على ذلك!!!.
لكن ، على الرغم من هذه النقاط السلبية المحتملة ، يجب أن لا ننكر الدور الإيجابي الذي تلعبه هذه الساحرة المستديرة في تقريب الناس من بعضهم البعض وإعطائهم لحظات من الفرح والانسجام ، فإذا تم ٱستغلال الحب لكرة القدم بشكل صحيح ، يمكن أن يكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على الشعوب العربية والمجتمعات.
لذا ، يجب أن نكون على استعداد للنقد الذاتي والعمل على تحسين هذا العشق من أجل أن يظل أداة للتواصل والترابط بين الشعوب.
وفي الختام ، يمكن أن يكون لكرة القدم تأثيرا إيجابيا على الشعوب العربية إذا تم ٱستخدامها بشكل صحيح ومسؤول ، فيجب علينا توجيه هذه العاطفة الكبيرة نحو تعزيز الإستقرار والتفاهم والتعاون بين جميع الدول العربية وشعوبها.
بقلم:
ذ.هشام الدكاني

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.