الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تخلد اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب 26 يونيو 2018

0 523

وتطالب بتفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وعدم إفلات المسؤولين عن جرائم التعذيب من العقاب
بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي يوافق يوم 26 يونيو من كل عام، أصدرت الآليات الأممية، المعنية بمناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه، التابعة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالاشتراك مع اللجن الإقليمية المختصة بكل من إفريقيا وأمريكا وأوروبا، دعوة دولية للعمل تحت شعار: ” بعد مرور 70 عاما، لا يزال التعذيب منتشرا: ينبغي العمل أكثر لنتمكن من العيش جميعا في عالم خال تماما من التعذيب “؛ وذلك من أجل تحقيق الوعد الذي أطلقه إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، بحظر التعذيب وتحريم كل أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة. وهي دعوة متجددة للرفع من وتيرة النضال الذي تخوضه جميع القوى المدافعة عن حقوق الإنسان، محليا وإقليميا ودوليا، من أجل بناء عالم ينتفي فيه التعذيب؛ بوصفه اعتداء بشعا على كرامة الإنسان، وممارسة خطيرة لا تقف عند حد الانتهاك البليغ للسلامة البدنية والنفسية للضحايا المباشرين، بل تتخطى ذلك لتتحول إلى أداة تزرع الرعب والخوف داخل المجتمع، وتزري بجميع الحقوق والحريات الأساسية التي تكفلها المواثيق الدولية.
كما أنه، وبرغم مصادقة المغرب على اتفاقيةمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الاختياري المرفق لها، وبرغم التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب بجنيف للدولة المغربية بضرورة احترام تعهداتها، في كل مرة تقدم تقاريرها الدورية أمامها، والتي كان آخرها تقريرها الرابع المقدم في نونبر من سنة 2011، وبرغم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الموضوع، فإن ممارسات التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لا تزال مستمرة وتشهد عليها تقارير المنظمات الوطنية والدولية، وكذلك ما تنشره الجرائد الوطنية والمواقع الإلكترونية ببلدنا. بل إن النقاش الحاد الذي عرفته قبة البرلمان الأسبوع الماضي بخصوص موضوع التعذيب، والذي حاول الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة التخفيف منه بالحديث فقط عن أكثر من 400 شكاية في مرفق السجون ومتابعة عشرة موظفين بها، ثم رد الفعل المتشنج للمندوبية العامة لإدارة السجون والتي حاولت إخفاء ما لا يمكن إخفاؤه بعد تواتر افتضاح حالات التعذيب، خصوصا في ملفي الريف وجرادة، وقبلهما ملف ما يسمى بالسلفية الجهادية ونشطاء ونشيطات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والنشطاء الصحراويين. كما وأن انتفاد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان لتقارير هيآت دولية كأمنستي وهيومن رايت ووتش، لم يعد مقبولا لأنه يشكل تسترا عن جرائم التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وتشجيعا مفضوحا لمرتكبي التعذيب على الإفلات من العقاب وتبييضا لجرائمهم.
وإذا كان المغرب يتوفر اليوم على مدونة شاملة من الصكوك الدولية العامة والخاصة، ومن التشريعات والآليات المؤسساتية، التي يفترض فيها أن تكون حامية لجميع المواطنين والمواطنات من التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ فإنه في المقابل لا زالت هذه الممارسة منتشرة في العديد من مراكز التوقيف والاحتجاز، وكثيرا ما يجري اللجوء إليها في حق الموقوفين والمعتقلين لكسر إرادتهم وانتزاع الاعترافات منهم أو حملهم على التوقيع على المحاضر تحت الإكراه؛ وحتى عندما يصرح هؤلاء بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة فإن مزاعمهم تلك لا تؤخذ بعين الاعتبار، ولا يحقق فيها وفق المعايير الدولية إلا لماما؛ وهو ما كرس ولا زال غياب المساءلة، وشجع دوما على الإفلات من العقاب وأهدر حق الضحايا في الانتصاف والجبر.
وبناء عليه فإن المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يستحضر كل الحالات التي صرح أصحابها بأنهم تم تعنيفهم والاعتداء عليهم، أو أكدت بعض التقارير شبهة وقوع مثل هذه الاعتداءات، كما هو الحال بالنسبة للخبرة الطبية المجراة على مجموعة من معتقلي حراك الريف من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ وإذ يذكر بالتعامل السلبي والعدائي للمسؤولين المعنيين بهذا الملف، فإنه يعتبر أن استئصال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة يقتضي قرن الخطاب بالممارسة، ويستوجب التحلي بالإرادة السياسية الكاملة، وهو ما يتطلب الاستجابة للمطالب التالية:
1. وضع كافة الأجهزة الأمنية تحت المسؤولية الفعلية للحكومة وإخضاعها للمراقبة البرلمانية والمحاسبة الإدارية للحكومة، وجعل ممارسات العاملين بها مقيّدة بالقواعد القانونية وتجريم الممارسات والتعليمات والأوامر المنافية للقانون؛
2. الإسراع بتفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والحرص على قيامها بوظيفتها على النحو الأمثل، وفقا للشروط والمعايير المحددة دوليا؛
3. العمل على فتح تحقيق مستقل ونزيه في جميع حالات ادعاءات التعذيب، واتخاذ المتعين في حق القائمين والآمرين به، مع إنصاف الضحايا وجبر أضرارهم؛ ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب إبان ما يصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص، بتقديمهم للمحاكمة، وإبعادهم عن أية مسؤوليات، واعتذار الدولة للضحايا وعائلاتهم وللمجتمع المغربي؛
4. التجاوب العاجل للدولة المغربية مع قرار الفريق العامل بالأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، والذي دعا إلى إطلاق سراح عدد من المعتقلين تعسفيا وضمنهم علي أعراس، ومحمد حاجب وعبد الصمد بطار؛
5. حماية المتقدمين بالشكاوى، والشهود وغيرهم من المبلغين عن وقوع التعذيب، من أعمال الانتقام والتخويف، أو التهديد بتوجيه اتهامات مضادة؛ وذلك بالتنصيص على إجراءات فعالة، وعلى رأسها عدم انطباق نصوص القانون الجنائي التي تجرم “البلاغ الكاذب” أو “الوشاية الكاذبة” على الحالات الخاصة بالتعذيب؛
6. تضمين قانون المسطرة الجنائية لكل المقتضيات الكفيلة بالحماية من التعذيب أثناء فترة الاحتجاز، بما في ذلك الاتصال فور القبض بالمحامين وعائلات المقبوض عليهم، وحضور المحامين جلسات التحقيق، والقيام بتسجيل جلسات التحقيق على أشرطة فيديو، والقيام بفحوصات طبية مستقلة؛
7. وضع حد لأي شكل من أشكال الاحتجاز غير القانوني للأشخاص، بقبض سجل مركزي للمحتجزين يستطيع محامو المعتقلين وأسرهم الاطلاع عليه في جميع الأوقات بمجرد طلبهم ذلك ودونما تأخير؛
8. عدم اعتداد المحاكم بالأدلة التي يتم الحصول عليها بواسطة التعذيب أو غيره، إلا ضد الشخص المتهم بممارسة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
المكتب المركزي
25 يونيو 2018

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.