ظاهرة الدعارة في الجزائر: واقع مرير خلف جدران الصمت

بالرغم من قمع النظام الجزائري وفرضه الرقابة على كل المعلومات المتعلقة بهذه الظاهرة، تشير الأرقام الموثقة إلى وجود ما لا يقل عن 4 ملايين شخص يعيشون في الجزائر من الدعارة.

عندما نعلم أن أبواق النظام تستخدم هذا الموضوع كشعار لمهاجمة المغرب، يجب تذكيرهم بالمثل العربي الشهير “الجمل ما تايشوف دروتو”.

في عام 2007، قدّر تقرير صادر عن معهد استطلاع الرأي الجزائري “عباسة” عدد العاهرات السريات في الجزائر بحوالي 1.2 مليون امرأة، وكل واحدة منهن تعيل عائلة مكونة من ثلاث أفراد على الأقل، “ما يعطي رقمًا يزيد قليلاً عن 4 ملايين شخص يعيشون من هذه المهنة”. أرقام مرعبة تعكس هشاشة اجتماعية واقتصادية مقلقة وانحداراً اجتماعياً مأساوياً.

في تحقيق أجرته حول هذه الآفة في الجزائر، وصفت المحامية في نقابة المحامين بالجزائر، فاطمة بن براهيم، “بيوت الدعارة المفتوحة” وأحصت ما يقرب من 8000 منزل مخصص للدعارة في العاصمة وحدها. 8000 منزل دعارة في الجزائر العاصمة! من الصعب جداً إيجاد مدينة أخرى في العالم تنافسها في هذا المجال. هذه الوضعية المزرية تمتد عبر كامل التراب الجزائري، حيث يبدأ الدخول إلى هذا المجال من سن 14 إلى 16 سنة.

الدعارة، في هذا السياق، تتحول إلى نشاط بائس للبقاء على قيد الحياة، وهو وضع تفاقم بسبب آثار “العشرية السوداء” للإرهاب، حيث تعرضت العديد من النساء والفتيات للاغتصاب أو الزواج القسري، ليجدن أنفسهن مهجورات ومرفوضات، مدفوعات نحو الدعارة نتيجة غياب الفرص، البدائل، وعروض العمل التي يمكن أن تحافظ على كرامتهن وسلامتهن.

تشرح المحامية أيضاً، بتفاصيل دقيقة، أن الدعارة تُمارس “في الشوارع… المرائب، هياكل السيارات، الأكواخ، الشقق الصغيرة، الفيلات، والفنادق على شاطئ البحر […]. هذه الأخيرة تُمارس من كلا الجنسين، رغم أنها تظل أكثر انتشاراً بين النساء ومستهلكة من قبل الرجال”. وتضيف أنها لاحظت “من خلال كل هذه التحقيقات أن الدعارة سوق مربحة تميل إلى التوسع. إنها جريمة منظمة تدر الكثير من الأموال التي يتم غسلها في العقارات أو في الاستيراد والتصدير وتمس جميع الفئات الاجتماعية”.

ومن جهة أخرى، يشير تقرير صادر عن مكتب الحماية الفرنسي للاجئين وعديمي الجنسية (OFPRA) لعام 2020، إلى أن الدعارة في الجزائر هي أيضاً نتيجة للأزمة الاقتصادية، العنف الأسري، تعاطي المخدرات، وتدهور نظام الدعم التقليدي.

الصمت الذي يفرضه النظام حول مدى انتشار هذه الظاهرة لا يمكن أن يخفي هذه الحقيقة المحزنة: في بلد غني بالموارد الطبيعية يعيش أربعة ملايين شخص بفضل أقدم مهنة في التاريخ.

Comments (0)
Add Comment