من انتصر حقا في الحرب الأخيرة؟ ولماذا تحتفل كل الأطراف؟

عزيز -ل / بيان مراكش-

في مشهد غير معتاد، أعلنت إيران عن إقامة احتفال رسمي في ساحة الثورة احتفاء بما وصفته بـ”الانتصار على الأعداء”. في الوقت ذاته، نظمت إسرائيل احتفالا مماثلا في ميدان رابين وسط تل أبيب، بينما اعتبر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن ما جرى يمثل “نجاحا سياسيا” للبيت الأبيض.

فمن انتصر فعلا؟ ومن يوهم شعبه؟ للإجابة، نحلل أهداف ونتائج الحرب بالنسبة لإسرائيل، إيران، والولايات المتحدة.

أولا: إسرائيل – أهداف طموحة ونتائج محدودة

دخلت إسرائيل الحرب بعدوان مباشر، بهدف:

القضاء على البرنامج النووي الإيراني

اغتيال العلماء النوويين

إسقاط النظام الإيراني

تدمير البنية الصاروخية الدفاعية والهجومية

لكن النتيجة كانت مغايرة. فرغم تنفيذ ضربات مؤلمة، واغتيالات، وتدمير جزئي لبعض المواقع، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الرئيسية.

ثانيا: إيران – من أزمة داخلية إلى تعبئة وطنية

قبل الحرب، كانت الشرعية الشعبية للنظام الإيراني مهزوزة. لكن ما إن اندلع النزاع، حتى توحدت الجبهة الداخلية، بل إن بعض أطراف المعارضة أعلنت دعمها للنظام ضد “العدوان الخارجي”.

ورغم الخسائر البشرية، فإن:

البرنامج النووي لم يُجتث

منشآت مثل فوردو ونطنز لا تزال تعمل

الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت اختفاء 400 كلج من اليورانيوم المخصب بنسبة 83%، ما يكفي لإنتاج نحو 10 رؤوس نووية

ثالثا: الرد الإيراني – صواريخ فرط صوتية ومفاجآت

إيران ردت بهجوم صادم:

صواريخ فرط صوتية اخترقت القبة الحديدية

استهدفت تل أبيب ومرافق حيوية

طالت الضربات: منشآت نفطية وكهربائية، معاهد أبحاث، مطارات، مراكز صناعية

لأول مرة، قتل مدنيون وعسكريون إسرائيليون بهذا الحجم

الرأي العام الإسرائيلي اهتز، ووسائل الإعلام تساءلت: هل ما حدث انتصار أم كارثة استراتيجية؟

رابعا: الولايات المتحدة – مناورة سياسية محسوبة

ترامب تجنب التورط المباشر:

نفذ ضربات محدودة بعد إخلاء المواقع المستهدفة

تجنب تجاوز “الخطوط الحمراء”

كسب تأييدا داخليا من دون خوض حرب

النتيجة: نصر سياسي داخلي بلا كلفة استراتيجية حقيقية.

خامسا: لماذا تحتفل إسرائيل إذن؟

الاحتفال الإسرائيلي قد يكون تكتيكا سياسيا:

التغطية على الأزمات الداخلية

منح نتنياهو صورة “المنتصر” مؤقتا

لكن الرد الإيراني كشف هشاشة منظومة الدفاع الإسرائيلية

تقارير تحدثت عن استنزاف الدفاعات الجوية وعجز واضح عن صد الهجمات في الأيام الأخيرة.


إذن… هل انتصرت إيران فعلا؟

الجواب الأقرب للواقع: نعم.

النظام لم يسقط

البرنامج النووي مستمر

إيران عززت موقفها الشعبي والسياسي

واكتسبت أدوات ردع جديدة بدعم من روسيا، الصين، وباكستان

هل انتهت الحرب؟

رغم الاحتفالات، الحرب لم تنته. ما حدث كان جولة محدودة ومدروسة.

كل طرف أراد توجيه رسالة

إسرائيل فقط أرادت تصعيد المواجهة لكنها تراجعت

الولايات المتحدة تدخلت لإنهاء الجولة وتحاول اليوم إحياء المفاوضات مع طهران

السيناريوهات القادمة

تهدئة مشروطة: مفاوضات جديدة تضمن مكاسب متوازنة لجميع الأطراف

تصعيد غير محسوب: هجوم إسرائيلي مفاجئ قد يشعل حربا إقليمية موسعة

خلاصة

الانتصار لا يُقاس بعدد الصواريخ أو المواقع المستهدفة، بل بمدى تحقيق الأهداف الاستراتيجية. ووفق هذا المقياس:

إيران خرجت من هذه الجولة أكثر صلابة، بينما أدرك خصومها أن كلفة المواجهة معها باهظة.

Comments (0)
Add Comment