تحتفل الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب مع مكونات المجتمع الدولي في الثالث عشر من شهر أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للحد من الكوارث، والذي يشكل مناسبة لتعزيز التوعية بالتدابير اللازمة للوقاية من الكوارث والحد من آثارها، كما يشكل فرصة سانحة لإبراز التقدم المحرز نحو منع والحد من مخاطر الكوارث والتقليل من الخسائر في الأرواح وسبل العيش والاقتصادات والنظم التحتية الأساسية، وذلك بما يتماشى مع الاتفاقية الدولية للحد من مخاطر الكوارث وإطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث 2030-2015م.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للحد من الكوارث هذا العام تحت شعار “مكافحة عدم المساواة من أجل مستقبل قادر على الصمود”، لإثارة الانتباه إلى العلاقة المتبادلة بين التعرض للكوارث وعدم المساواة، فهما وجهان لعملة واحدة، ذلك أن التفاوت في الحصول على الخدمات، يجعل الفئات الأكثر ضعفا أكثر عرضة لخطر الكوارث، كما تؤدي آثار الكوارث ومخلفاتها إلى تفاقم أوجه عدم المساواة ودفع الفئات الأكثر هشاشة إلى مزيد من الفقر.
وفي هذا السياق، أظهرت الأبحاث أن الفقراء يعانون أكثر من الكوارث بشكل عام، فخلال الفترة 1970ـ2019م، وجدت الأمم المتحدة أن 91 في المائة من إجمالي الوفيات الناجمة عن مخاطر الطقس والمناخ والمياه حدثت في البلدان النامية، كما أن البلدان التي تعاني من أكبر الخسائر الناجمة عن الكوارث هي تلك التي كانت أقل مساهمة في حدوث المشكلة.
وبالتالي، كلما ازدادت درجة فقر المجتمع المحلي زاد احتمال تعرضه للمخاطر الطبيعية وتأثره بتغير المناخ، كما أن آثار الكوارث ليست متساوية على الجميع، فالأطفال والنساء وكبار السن وذوو الإعاقة والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية المهمشة، لا سيما في البلدان الأقل دخلاً، يتأثرون في الغالب بالكوارث والحوادث أكثر من غيرهم.
وتُغذِّي الكوارث والصراعات بعضها بعضاً، فالبلدان التي تمر بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، غالباً ما تواجه مخاطر متفاقمة بسبب ضعف القدرات الحكومية، ومن ناحية أخرى، قد تؤدي مخاطر الكوارث إلى تفاقم التوترات القائمة بالفعل وتزيد مخاطر العنف.
لذا أضحى من الصعب للغاية أن تتحمل البلدان منخفضة الدخل والشريحة الدنيا للبلدان متوسطة الدخل التكاليف الناجمة عن الكوارث، حيث تعتمد في العادة على حلول ظرفية مثل الحصول على قروض طارئة أو تحويل مسار موارد مالية أخرى محدودة، وغالباً ما يؤدي نقص آليات القدرة المالية على الصمود في وجه الكوارث إلى تأخر التعافي الاقتصادي وإطالة أمد المصاعب التي تواجهها الحكومات والأسر والمجتمعات المحلية المتأثرة.
ولعل من أهم الرسائل التي يستهدفها شعار هذا العام، دعوة الدول لإعطاء الأولوية لالتزاماتها بتحقيق إطار سنداي وأهداف التنمية المستدامة، وخاصة الحد من الفقر وعدم المساواة، ومعالجة مخاطر الكوارث وقابلية التأثر بشكل عاجل مع التركيز على المجتمعات الأكثر ضعفا، والإسراع في تنفيذ مبادرة الإنذار المبكر للجميع لضمان التغطية لكل فرد بنظام التغطية في السنوات الأربع المقبلة، مع إعطاء الأولوية للمجتمعات الأكثر تعرضا للخطر.
وبالموازاة مع ذلك، يأتي الاحتفال بيوم البيئة العربي للعام الثاني على التوالي تحت نفس الشعار “معا للتعافي الأخضر” للتأكيد على ضرورة التراجع عن ممارسة الأنشطة البشرية بالشكل التقليدي المتعارف عليه، والتـي تُسهم بشكل كبير في تدمير الحياة الطبيعية والتنوع الحيوي ورفع الاستهلاك غير المستدام، وذلك من خلال التحول نحو الاستثمار في النقل النظيف والطاقة المتجددة والمباني الصديقة للبيئة والممارسات المؤسسية أو المالية والاقتصادية المستدامة.
وتشدد تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على ضرورة إعطاء الأولوية لتدابير مثل دعم التكنولوجيا والبنية التحتية عديمة الانبعاثات، والحد من دعم الوقود الأحفوري، ووقف إنشاء المحطات التـي تعمل بالفحم الحجري، وتعزيز الحلول القائمة على الطبيعة، بما في ذلك إصلاح المناظر الطبيعية وإعادة التشجير على نطاق واسع.
وتشكل هاتان المناسبتان، فرصة للتذكير بالجهود التـي تبذلها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب وإبراز الانجازات المتحققة في مجال مواجهة الكوارث والحد من تأثيراتها وتنمية البيئة والمحافظة عليها.
وفي هذا الإطار، أقر المجلس العديد من الاستراتيجيات والخطط والأدلة لمواجهة والحد من آثار الكوارث والحوادث، منها الاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني) التـي تـم إقرارها عام 1997م وجرى تحديثها عام 2016م، والخطة العربية للحماية المدنية والخطة النموذجية لمواجهة الكوارث والخطة الإعلامية للتوعية من مخاطر الكوارث، والخطط المرحلية لتنفيذ بنود الاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني)، وفي المجال البيئي، سبق وأن أقر المجلس الموقر القانون العربي النموذجي لحماية وتنمية البيئة (2002م)، كما اعتمد خطة نموذجية عربية للتوعية الإعلامية من مخاطر الجرائم الماسة بسلامة البيئة وكيفية المحافظة عليها من التلوث.
وما فتئت الأمانة العامة للمجلس، تدعو المؤسسات والهيئات المعنية وتحثها على تعزيز وتوطيد علاقات التعاون والتنسيق فيما بينها، بما يكفل تبادل الخبرات في كافة الجوانب المتعلقة بمواجهة الكوارث وحماية البيئة وإدارتها، والعمل على تطوير مفاهيم ومبادئ ثقافة الوقاية والحماية الذاتية للمواطن، كما تقوم بإعداد وتعميم العديد من الدراسات والاستراتيجيات والكتيبات والمطويات الإرشادية، واعتماد العديد من التوصيات والقرارات ذات العلاقة، إضافة إلى تنظيم ندوات وورشات تدريبية في هذا المجال.
وتنهز الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب هذه المناسبة لدعوة الدول الأعضاء إلى الاحتفال بهاذين اليومين وتنظيم تظاهرات وفعاليات بالمناسبة، على المستويين الوطنـي والعربي للتوعية بأهمية الاستعداد ومجابهة الكوارث والأزمات بمختلف أنواعها والحفاظ على البيئة وتنميتها.