لحظة استثنائية عاشها رواد دار الشعر بمراكش، ليلة السبت 31 غشت بحديقة آدم بارك، ضمن فعاليات الحفل الاختتامي للبرنامج الثقافي والشعري للموسم السابع. بحضور العشرات من جمهور الشعر وعشاق الكلمة، تم تقديم الإصدارات الجديدة لشعراء قادمين الى المستقبل، وهم على التوالي: أسماء إدعلي أوبيهي ومبارك العباني وحمزة الخازوم وبدر هبول، وهي الإصدارات الشعرية الجديدة الصادرة عن منشورات دائرة الثقافة في حكومة الشارقة بتنسيق مع دار الشعر بمراكش. هذه الكتب التي تأتي لإغناء المكتبات المغربية والعربية، في سياق استراتيجية النشر، التي تشرف عليها دائرة الثقافة في حكومة الشارقة.
وبحضور ثلة من المسؤولين ووجوه ثقافية وإعلامية وجمعوية وممثلين لبعض المؤسسات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية ووسائل الإعلام، افتتح اللقاء الختامي بكلمة دار الشعر بمراكش والتي أكد في مستهلها الشاعر عبدالحق ميفراني على الرهان الثقافي الذي أحدثته الدار منذ تأسيسها، 16 شتنبر 2017 بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، هذا الرهان الذي أمسى يعيد حضور الشعر، ومن خلال الفعل الثقافي، ضمن السياق المجتمعي وأيضا في رهان دائم على قيم المشترك الإنساني، وفي استحداث وتوطين لاستراتيجية التنظيم المؤسساتي المنفتح على الفضاءات العمومية والأماكن البعيدة.
ليلة التكريم وترسيخ لثقافة الاعتراف، أحد دروس قيم الشعر المستدامة، هكذا اختارت دار الشعر بمراكش أن تجعل من الحفل الختامي للموسم السابع لحظة متجددة للاحتفاء بوجوه ثقافية وإبداعية وإعلامية، ساهمت بشكل لافت في مسيرة الدار وساعدت في ترسيخ هذا الأفق الإنساني المشترك. ابتداء من فئة المؤطرين للورشات (للأطفال واليافعين والشباب): عبداللطيف السخيري، فاطمة الزهراء وراح، حليمة الاسماعيلي، مولاي رشيد العلوي، السعيد أبو خالد. الى فئات “المميزين والمتعاونين”: الشعراء والأساتذة: بدر هبول، سمية آيت زهراء، حمزة الخازوم، لحبيب حمدان، فاطمة الزهراء بنعليا، عبدالصمد الرغاي، ابراهيم قازو. وكان للإعلام السمعي البصري والمكتوب والالكتروني لحظة وفاء خاصة، من خلال تنويه دار الشعر بمراكش على الدور الريادي، لمختلف وسائل الإعلام بجميع مكوناتها، لما قامت به في إبراز أنشطة وبرامج الدار.
وبحضور كل من، السيد عبدالرحمن عريس المدير الاقليمي للثقافة بالصويرة والسيدة غيثة الربولي مديرة بيت الذاكرة، تم تكريم وجوه إعلامية وإبداعية وشخصيات مساندة لبرنامج وأنشطة دار الشعر بمراكش: حسن بنمنصور، وأنس الملحوني، صوفية الصافي، “برنامج بيوت الشعر” قناة الشارقة، “كاش بريس”.. والمديرية الجهوية لقطاع الثقافة مراكش أسفي، الفنان فوزي البصري (مدير بيت المعتمد)، السيد رشيد جلال مدير وكالة تكنو للطباعة، وكالة ايكون للنقل، السيد مراد بلعوني، إدارة وأعوان آدم بارك، نزيه الخطاط، حمزة الرائس، بشرى لهديلي، وعبدالمجيد شحلان…
مقام الشدو وقصائد الحب في مقام دار الحب والشعر بمراكش
قدمت الفنانة سكينة مويس، بمعية الفنان والموسيقي عزالدين دياني، فقرات موسيقية استعادت من خلالها ألق الطرب المغربي والعربي الأصيل، في ليلة استثنائية عرفت حضورا لافتا لجمهور الشعر وعشاق الكلمة. وقرأ الشعراء الشباب: أسماء إدعلي أوبيهي ومبارك العباني وحمزة الخازوم وبدر هبول، قصائد الحب في تواطؤ خلاق مع دار الشعر بمراكش، والتي اختارت أن تكون ليلة مقامات الحب بامتياز.
وقعت الشاعرة أسماء إد علي أو بيهي ديوانها الشعري الأول “الأبابيل”، “هذه الأبابيل أنا، والمرايا ضمت خطاي”. فيها اختار الشاعر حمزة الخازوم أن يقدم بوحه الشعري “قاب وحيين” “إذا لم أورط صباحي بهذا الجنون سأحيا شريدا”، أما الشاعر مبارك العباني فيعتبر “الشك أفصح ما لديك”، ديوانه الشعري الأول وأول إصداراته الإبداعية، وديوان “النفس الأخير”، أو لعله النفس الأول للشاعر بدر هبول ابن مدينة طاطا وأم الكردان، كان ميسم الختم.
في الحفل الختامي للبرنامج الثقافي والشعري للموسم السابع، تم تقديم قراءات شعرية لمجموعة من الشعراء، الى جانب تقديم مداخلات وشهادات لشعراء وإعلاميين وفاعلين جمعويين، تهم برمجة دار الشعر بمراكش وآفاق برنامجها المستقبلي، في مستهل ديوان الحب قرأت الشاعرة أسماء إد علي أو بيهي “قَـمَرِي”: قمري مُدَان / بالهوى يتجبرُ/ أتراه يدري من أنَا / أو يَشعرُ / أشكُو / وخَفْقِي هزني فأذلَّنِي / عبثًا أهيمُ / وسيدي يتعنترُ / ما همه أني به / أتغزل / أُهديه حقلا / زَانه النيلُوفَرُ / فأراهُ صَلْدا / وَاجِما لا ينثَني / أنهى الحوارَ/ وَصَمْتَهُ يتَآمَرُ / عَمدْتُ لَيْلِي / فالسـهَادُ رسائلي / ودواة حُزني / سَادِن كم يَصْبِرُ / يا نُورَ وجهٍ / قد سَقانِيَ كأْسَها / قَطعْتُهَا / يَديَ اشتياقا يعصِرُ.
فيها اختار الشاعر حمزة الخازوم “قاب وحيين” عنوانا دالا لديوانه الشعري، وقدمه ببوح شعري ضافي: “إذا لم أورط صباحي بهذا الجنون سأحيا شريدا”، هذا الجنون الذي فاق قلبه حين اعترى يهفو، “قلبي قبيلة من النمل”: لِعَينيكِ../ مَا أملَتْ عَليَّ الجآذِرُ / وَما أَودعَتهُ فِي حِمَايَ المقادِرُ / كتمتُكِ أوطانًا / وعيدًا / ومولدًا / ولكن كَـتْمِي لمْ تُطِقْهُ المَعاذِرُ/ بأيّ فؤادٍ / يا ابنةَ الجَنْبِ أنثَني / إذا (الحربُ) عادتْ / والقلوبُ هَوادرُ / بأي ضلالٍ فِـيكِ / صِرتُ مسافِرا / أسوقُ غريبا أنهَكتـهُ البواترُ / أسيرُ كَسَيرِ الملهَمِـينَ، / فكَيفَـمَا تبدّتْ لِيَ الأبعادُ موتًا؛ أغامِرُ/ كأنّي../ إذا أوحَى ليَ الليلُ / أتقِي بِعَينَيكِ/ - يا محبوبَتِي– / مَا أُحَاذِرُ.
وقرأ الشاعر مبارك العباني، من ديوانه “الشك أفصح ما لديك” وهو ديوانه الشعري الأول وأول إصداراته الإبداعية، قصيدة “مَوعِدٌ على تَلِّ المَجَازَاتِ” وهي إهداء خاص لوالدته: إلى مَنْ أراها بَيْدَ أنِّي بِنَبْضَتِي/ وَمَا لي سَبِيْلٌ كي أَرَاهَا بِمُقْلَتِي// إلى مَنْ غَفَتْ / في الغَيْبِ حَتَّى جرت بها// ضفاف غِيَابٍ حَوْلَ أسْوَارِ وَحْدَتِي / إلى مَنْ غَفَتْ / قَبْلَ المَسَاءِ وَلَـمْ تُضِئْ / طريقي إلى المَجْهُوْلِ أَيَّـةُ نَجْمَةِ // إلى / بَسْمَةِ الشَّمْسِ / الَّتِي لَمْ تَلِدْ سِوَى / صَبَاحِي، وَلَكِنْ جَـنَّ حَيْنَ تَـوَلَّـتِ / أقول لَهَا / كَيْفَ اعترى البين مهجتي/ وَكَيْفَ اسْتَـلَـذَّ اللَّيْلُ في الحِبْرِ دَمْعَتِي / وَكَيْفَ / نَفَى مِنْ جَفْنِيَ النّأيُ رَقْدَةً / إلى أنْ نَفَى مِنْ قَلْبِيَ اليَأْسُ يَقْظَـتِي / وَكَيْفَ طغى جُرْحٌ توَارَى بِبَسْـمَـةٍ / صداه دُمُوْعِي وَالقَصِيْدَةُ صَرْخَتِي .
المحطة الأخيرة ديوان “النفس الأخير”، والنفس الأول للشاعر بدر هبول ابن مدينة طاطا وأم الكردان، هذا الشاعر والباحث والفاعل الجمعوي والثقافي، في إطلالة على “غَرَقٌ جَمِيل”: لَمْلِمْ غِيَـــــــــابكَ زُرْ كالنُّـــــورِ أَحْدَاقِي/ بَلْ كُنْ جَميلا وَخُذْنِــــــــــي حَدَّ إِغراقي// وَكُنْ دوائـــــي فَـــــــــــــإنَّ البُعْدَ يُتْعِبُني/ بَلْ كُنْ شِفائي وَكُنْ فِــــــي الحُبِّ ترياقي// وَكُنْ لَبِــــــــــــــــــيبا فَإِنَّ الشِّعْرَ بوصلةٌ/ تدنو القلــــــــــــــوب بها من بعد أشواق// وَكُنْ خفيفا فروحـــــــــــــي عِطْرُ زنبقةٍ/ وَكُنْ مجــــازا وعَـــــــانقْ صُبْحَ إشراقي// فإنني رُغْمَ مــــــــــــا في العُجْبِ يحملني/ نَهْرُ القصـــــــــــــائدِ كَيْ تَلْقَــــــاكِ آفاقي// يَا بَهْجَةَ الرُّوحِ، روحـــــــــــي غَيْرُ نائيةٍ/ هَذِي حُرُوفي تُزَكِّـــــــــــــي نَبْضَ خَفَّاقي.
اختتم الحفل الختامي بحفل توقيع الإصدارات الجديدة لمنشورات دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، هذه المنشورات التي أمست تخلق دينامية لافتة ورائدة في حركية النشر والتأليف في العالم. معها تختتم دار الشعر بمراكش ديوانها السابع وتفتتح ديوانها الثامن وسنة جديدة برهانات مختلفة وموسم ثقافي وشعري آخر وشمعة أخرى تضيء سماء المشهد الثقافي المغربي والعربي والكوني. معها تواصل الدار ريادتها وفتح “نوافذها” و”أبوابها” لسلسلة من المبادرات والبرامج والفقرات الجديدة.. احتفاء بشجرة الشعر المغربي الوارفة، وبحساسياتها وتجاربها، وأيضا بمزيد من الانفتاح على التجارب الشعرية الكونية.