أكادير تكرس خلال سنة 2015 هويتها الثقافية المتسامحة والمنفتحة على ثقافات العالم
سنة بعد أخرى، تظل مدينة أكادير وفية لهويتها الثقافية التي نقشتها من خلال عدد من التظاهرات ذات بعد عالمي، والتي تنظمها مختلف الجهات الفاعلة في الحقل الثقافي والفني المحلي والجهوي على امتداد شهور السنة.
ولم تشكل سنة 2015 ، حالة استثناء مقارنة مع السنوات السالفة ، حيث اعتاد سكان مدينة الانبعاث، وباقي ساكنة الجهة، إلى جانب زوار عاصمة سوس من السياح المغاربة والأجانب، أن يجددوا صلتهم التي توطدت مع مجموعة من التظاهرات التي غدت موعدا ثابتا في أجندة الأحداث الثقافية والفنية بأكادير لما يزيد عن عشر سنوات.
فمهرجان “تيميتار” الدولي للموسيقى والغناء ،الذي احتفل صيف السنة الجارية بدورته الÜ12، صار موعدا قارا كواحد من المهرجانات الفنية التي أكسبت المغرب عموما ، وجهة سوس ماسة على وجه الخصوص ، صيتا فنيا متميزا على الصعيد العالمي ، لاسيما وأن هذا الملتقى الفني يتخذ كشعار له ” الفنانون الأمازيغ: يحتفلون بموسيقى العالم “.
وقد كرست دورة سنة 2015، كما جرت العادة خلال الدورات السابقة ، الهوية المنفتحة لمهرجان “تيميتار” تجاه مختلف أصناف التعبير الموسيقية والغنائية عبر مختلف بقاع العالم ، حيث استمتع جمهور مدينة أكادير وزوارها بروائع الفنون الموسيقية الأمازيغية التراثية منها والعصرية ، إلى جانب اكتشافهم لأشكال أخرى من الموسيقى والغناء من مختلف البلدان والثقافات .
وفي هذا السياق ، فقد قربت الدورة الÜ12 لمهرجان “تيميتار” من الجمهور نماذج مختلفة من أنماط التلاقح في المجال الغنائي ، من جملتها المزج بين الفنون الغنائية المغربية ذات الأصول الأندلسية وفن الفلامينكو ، (أركسترا شقارة)، والتلاقح بين الموسيقى العربية اللبنانية والبرتغالية ( الثاني رابح أبو خليل وريكاردو ريبيرو)، إضافة إلى تقديم سهرات مختلفة تعاقب خلالها على المنصات الثلاث للمهرجان فنانون من أصول امازيغية يؤدون أنماط مختلفة من الموسيقى والطرب التي يتناغم فيها ما هو عربي أمازيغي بما هو غربي.
على صعيد آخر، شكلت الدورة الÜ10 لÜ”حفل التسامح” التي نظمت يوم 4 أكتوبر الماضي بشاطئ مدينة أكادير حدثا ثقافيا وفنيا استثنائيا ، على اعتبار أن هذا الحفل الموسيقي السنوي غدا منذ انطلاقته الأولى محط أنظار الملايين من المشاهدين الذين يتتبعونه من خلال إعادة عرض فقراته على أمواج العديد من الإذاعات ، والشبكات التلفزيونية العالمية من ضمنها على الخصوص ” تي في 5 موند” و مجموعة قنوات “إم 6” ، فضلا عن القناة المغربية الثانية.
والمعروف أن “حفل التسامح”منذ انطلاقته قبل عقد من الزمان، دأب على استقطاب نخبة من ألمح نجوم الأغنية العربية والأغنية الناطقة بالفرنسية ، الذين تغنوا بالقيم الإنسانية الرفيعة التي تمجد فضيلة التسامح والإخاء ، وتجعل من التعبير الموسيقي لغة للتقارب بين بني البشر مهما اختلفت أصولهم العرقية ، وتعددت لغاتهم التعبيرية، وتنوعت قناعاتهم الفكرية والثقافية.
ومن بين الفنانين ذوي الصيت الذائع وطنيا وعربيا وعالميا الذين تشرفوا بإحياء حفل التسامح في دورته العاشرة ،هناك على الخصوص بلاك إم، و ميتر غيمس، وسعد لمجرد، ومارينا كاي، ولافوين، وسوبرانو، وشيمين بادي، وأسماء لمنور وغيرهم من الفنانات والفنانين الذين يحضون بإعجاب واسع من طرف محبي الفن الموسيقي ، خصوصا منهم فئة الشباب.
وكان للفن السينمائي ايضا حظه في تكريس الهوية الثقافية المنفتحة لأكادير خلال سنة 2015 ، وذلك من خلال تنظيم الدورة الÜ12 لÜ” المهرجان الدولي للسينما والهجرة ” الذي شكل محطة بارزة لتبادل الأفكار والآراء حول قضايا مختلفة تتعلق بموضوع الهجرة والمهاجرين ، ليس فقط من خلال العروض السينمائية ، ولكن أيضا من خلال الندوات واللقاءات الحوارية المنظمة في إطار البرنامج العام الذي سطرته “جمعية المبادرة الثقافية بأكادير” ، التي تنظم هذا المهرجان بشراكة مع عدد من الأطراف من ضمنها على الخصوص مجلس الجالية المغربية في الخارج.
وشكلت دورة هذه السنة لمهرجان السينما والهجرة ، كما كان عليه الحال خلال الدورات السابقة ، فرصة للتعرف على علو كعب نخبة من السينمائيين المنحدرين من أصول مغربية ، والحاملين لجنسية عدد من البلدان الغربية ، في إتقان التعبير بلغة الصورة ، سواء من ناحية الإخراج ، أو كتابة السيناريو ، أو أداء الأدوار ذكورا وإناثا، فضلا عن إبراز العمق الفكري والثقافي لذى هؤلاء السينمائيين في تناول عدد من القضايا والمواضيع التي تطرحها إشكالية الهجرة.
وإلى جانب التظاهرات الثلاث الثقافية والفنية السالف ذكرها ، والتي تمتاز بكونها ذات بعد عالمي ، فقد كانت مدينة أكادير على امتداد الشهور السالفة من سنة 2015 على موعد مع العديد من التظاهرات الثقافية والفنية الأخرى التي تكرس البعد الانفتاحي لمدينة الانبعاث ، من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر ، المهرجان الدولي للمسرح الجامعي ، والمهرجان الوطني للمسرح الحساني ، وغيرها من الملتقيات الأخرى التي جعلت مدينة أكادير تعكس صورة مصغرة عن مغرب منفتح متسامح ومنتصر للقيم الانسانية والكونية الرفيعة.