تقاوم بارونات الانتخابات بما أوتيت من قوة المال و النفوذ، لإقبار مبادرات التغيير التي بدات بوادرها و معالمها، واضحة في ميدان التنافس، في مختلف التمثيليات، في غرف التجارة والصناعة والخدمات و الفلاحة، و ما يليها من اقتراع للظفر بعضوية الجهة و الجماعات المحلية و البرلمان و المستشارين .
و يحتدم الصراع السياسي بين مختلف الفرقاء السياسيين حول توزيع كعكة الاستحقاقات، طغت عليه الانانية و المصالح الشخصية الضيقة، و تاتي التنمية في ذيل اهتمامات سياسيين سبق و ان شاركوا لولايات متتالية في تدبير الشان المحلي و الإقليمي و الجهوي دون ان تنعكس مشاركاتهم إيجابيا في الميدان .
و يلاحظ متتبعو الشان العام كيف تطغى لغة الصمت و الاختفاء عن الانظار عندما يتعلق الامر بالترافع عن درعا تافيلالت و باقي مدن الجهة التي لم تنل شيئا من التنمية، فظلت طرقها معبدة و اغلب مرافقها ترجع الى عهد الحماية الفرنسية، و برامج الاستثمار القاعدية منعدمة في ظل غياب تنمية مجالية عادلة، و تبقى جهة درعا تافيلالت جهة عذراء، خاصة بعد البلوكاج التنموي الذي قاده رئيس الجهة مستفيدا من تعويضات ضخمة، و مُسهبا في نقاش قانوني عقيم يستعرض فيه دروس استكمال تعليمه الجامعي اثناء حقبة استوزاره وزيرا للمجتمع المدني !
و يُحسب لحزب التقدم و الإشتراكية انه الحزب الذي لم يرضخ لمساومات و ابتزاز تجار السياسة، الذين يتخذون من الاحزاب مجرد يافطات لخوض غمار التنافس على المقاعد الانتخابية، و بعدها الاختفاء لمدة ست سنوات و الظهور من جديد بلون سياسي آخر، و هو ما يزرع بذور اليأس لدى الناخبين الذين يشككون في جدوى العملية الانتخابية بنفس الوجوه و بنفس الالوان السياسية التي تختلف في كل محطة انتخابية دون ان تحمل معها الجديد على مستوى البرامج .
و تحمل استحقاقات هذه السنة بعضا من الأمل، و بعضا من ارهاصات و بوادر تجديد النخب، رغم تغول جيوب مقاومة التغيير، و لنا نماذج كثيرة تنقلت بين ثلاث احزاب مختلفة اديولوجيا في ظرف وجيز بحثا عن موطئ قدم بغية الاستحواذ على كل المناصب التمثيلية، و اصطدم تجار السياسة بالارادة القوية للقواعد الحزبية و التنظيمية في حزب الكتاب الذي استعصى تصفحه من طرف بعض الانتهازيين الاميين ليغيروا بوصلتهم الى اتجاه اخر في نهاية المطاف .
و منح التقدم و الإشتراكية كل الفرص للكفاءات الشابة في الاقليم و الجهة لترميم ما أفسده المتعاقبون على المناصب التمثيلية دون تحقيق اي شيء لجهة تعج بالثروات الطبيعية و المعدنية و الفلاحية و الموارد البشرية المؤهلة… و رغم ما تُكابده الجهة من عراقيل يضعها شيوخ و تجار السياسة الذين صدرت في حقهم احكام قضائية منهم من مُنع من الترشيح و منهم من ينتظر احكاما استئنافية فإن الامور باتت تبشر بالخير، و لن تنفع مناورات بارونات الانتخابات في الرجوع بالمغرب الى العهد البائد حيث كان المجال مفتوحا لكل الانتهاكات و الخروقات .