ندوة دولية بالرباط تناقش طرق تمكين الناشئة من أدوات التعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام
ناقش المشاركون في ندوة دولية حول “التربية الإعلامية والرقمية..التحديات والآفاق”، اليوم الأربعاء بالرباط، طرق تمكين الناشئة من أدوات التعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام وفهم الرسائل الإعلامية.
وتهدف هذه الندوة ، التي ينظمها فريق البحث “الشباب والتحولات المجتمعية والتربية” بكلية علوم التربية، بمناسبة اليوم الوطني للطفل، إلى المساهمة في بلورة مفهوم التربية الإعلامية والرقمية وتوطينه في المغرب، سعيا إلى تعزيز التثقيف الإعلامي في صفوف الناشئة وخدمة الغايات التربوية، خاصة في ظل التطورات الرقمية والتكنولوجية التي يشهدها العصر الراهن.
وأكدت وزيرة التضامن والمرأة والاسرة والتنمية الاجتماعية، السيدة بسيمة الحقاوي،في كلمة تليت نيابة عنها، أن تنظيم هذه الندوة يتزامن مع تفعيل الوزارة للبرنامج الوطني التنفيذي للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة التي تم اعتمادها سنة 2015، والتي تعتبر الجواب الوطني لمحاربة جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم وبناء منظومة حمائية مندمجة تضمن الحماية الفعلية لكل أطفال المغرب، في توافق مع المعايير الوطنية والدولية في هذا المجال.
واعتبرت أن تفعيل هذه المنظومة الحمائية على أرض الواقع يمر عبر تحقيق خمسة أهداف استراتيجية متكاملة تهم تقوية الإطار القانوني لحماية الأطفال وتعزيز فعاليته، وإحداث أجهزة ترابية مندمجة لحماية الطفولة،ووضع معايير للمؤسسات والخدمات والممارسات في مجال حماية الطفولة، إلى جانب النهوض بالرعاية الاجتماعية لحماية الطفل، ووضع منظومة لجمع المعلومات والتتبع والتقييم الفعلي لوضع الطفولة.
ولهذا الغرض،تضيف السيدة الحقاوي، يضم المخطط الوطني التنفيذي للفترة 2012-2016 مجموعة من الإجراءات تهم على الخصوص حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداءات الجنسية عبر الانترنيت، وتعزيز المناهج الدراسية للأطفال بوحدات تعليمية حول حماية الأطفال وحقوقهم ومختلف المخاطر،خاصة تلك المتعلقة بالأنترنيت واستعمال المعطيات الشخصية.
ومن جانبه، أكد عميد كلية علوم التربية، السيد عبد الحنين بلحاج، أن الأساتذة والباحثين مطالبون بإيجاد طرق جديدة للتصدي لمخاطر وسائل الاتصال الحديثة وتمكين الطفل من اكتساب مهارات التعامل مع المعلومات الواردة عبر الأنترنيت، خاصة وأننا نعيش اليوم داخل بناء ثقافي معاصر يقوم على الشاشات والحواسيب واللوحات الإلكترونية.
وأضاف أن هذه الثقافة التي تفيض بالمعطيات المكتوبة والمرئية والمسموعة والتي تحمل رؤى وفلسفة صناعها وتحمل في طياتها الصالح والطالح، قد تكون إيجابية، لكن قيمتها الإيجابية تضمحل بالنظر للمتلقي باعتبارها تصل إلى فئات عمرية مختلفة بما فيها فئة الأطفال واليافعين التي تعتبر الأكثر هشاشة ولا تملك أدوات تحليل وفهم الرسائل الإعلامية. وأشار إلى أن هذه الندوة تتوخى تكريس حالة من الوعي حول مفهوم التربية الإعلامية والرقمية والقدرة على التفاعل والتعامل بصورة مؤثرة، من خلال طرح العديد من الأسئلة حول سبل فهم الإعلام والتعامل مع التحديات التي تواجه الآباء والأطفال في ظل ما تبثه وسائل الإعلام وما تنشره من صور وقناعات وأفكار.
ومن جهتها، أكدت مديرة قناة الرابعة السيدة مارية لطيفي، أن النقاش حول التربية الإعلامية والرقمية يجب أن يتسع ليصيح نقاشا وطنيا ويمتد إلى المحيط المجاور.
واعتبرت أن نقل المعرفة في المجتمع المغربي استمر مرتكزا لعدة سنوات على اللغة ولم ينجح في التعايش مع الصورة، لكن الحضور القوي للصورة خلال السنوات الأخيرة جعل نقل المعرفة متاحا بوسائل شتى ولم يعد حكرا على المدرسة.
وأوضحت أن المعرفة “أصبحت منتشرة في الفضاء وغير مرئية، ويمكن أن يتملكها كل من يستطيع الضغط على زر فأرة الحاسوب”. ومن جانبه، حذر الأستاذ محمد غزالي من الاستهلاك النهم لوسائل الاتصال والشبكات الاجتماعية خاصة بالنسبة للأطفال، معتبرا أن وسائل التواصل الحديثة أصبحت عبارة عن “أجهزة ذكية تنشر الغباء” من خلال المواد الإعلامية المتداولة على مستوى الأنترنيت. وأشار إلى الإنسان المعاصر أصبح “مستهلكا نهما” دون أن يصاحب هذا النهم مجهود لتوعيته وتمكينه من الأدوات او الآليات اللازمة للتعامل الإيجابي مع هذا الزخم الإعلامي.
وأوضح أن الخطورة تكمن في صعوبة مراقبة والتحكم في المادة الإعلامية لأنها تصل إلى جميع الفئات، فرقابة الآباء اصبحت من الماضي، ووسيلة للتسويق أكثر منها وسيلة لحماية المستهلك من مخاطر المواد الإعلامية.
وأبرز دور التربية الإعلامية في تمكين الفرد من فهم الرسالة الإعلامية وكيفية التعامل معها، وأهميتها في تنشئة المواطنة المسؤولة ليصبح المواطن مستهلكا حكيما.
وترتكز هذه الندوة ، التي تستمر ليومين، على أربعة محاور تهم “التربية الإعلامية والرقمية وعلاقتها بالديمقراطية وحقوق الإنسان” و” التلقي النقدي للمواد الإعلامية والرقمية” و”الأبعاد السوسيولوجية والتربوية للتربية الإعلامية والرقمية” و”أدوات التربية الإعلامية ومناهجها”.