مغاربة مقيمون بالخارج.. حينما تتحول العطلة الصيفية إلى فترة لممارسة نشاط تجاري
تتحول عطل عدد من المغاربة المقيمين بالخارج في الكثير من الأحيان إلى نشاط تجاري أملا في الاستفادة منه قدر المستطاع لتغطية حاجياتهم اليومية، بينما كان من المفترض أن يستمتعوا بفترة استجمام لدى عودتهم الصيفية إلى المغرب .
وأمام حزمة من المشاكل المرتبطة بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف ببلدان الاستقبال، خاصة بأوروبا، لا يجد هؤلاء المهاجرون بدا من التعاطي للتجارة من أجل الجمع بين الغايتين في آن واحد، كبيع الآلات المنزلية المستعملة والملابس والآثاث وغيرها.
وهو حال سعيد الذي يعمل مؤطر فريق بمدينة مارسيليا منذ عشرين سنة، والذي أكد في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن “الأمر لم يعد سرا البتة، فالسفر إلى المغرب خلال فترة الصيف بات مكلفا أكثر فأكثر، ففي السنة الماضية على سبيل المثال، أنفقت حوالي ألفي أورو لتغطية المصاريف الأسرية بين تذاكر الطائرة والتنقل والفنادق والأنشطة والتغذية”.
وتابع “أجد نفسي مضطرا لبيع مستحضرات التجميل وبعض الأجهزة الإلكترونية (حواسيب متنقلة وهواتف ذكية ..) بهدف تغطية نفقاتي وتمكين أسرتي من الاستمتاع بعطلتها في المغرب بشكل أكبر”، مبرزا أنه يفضل ممارسة نشاطه التجاري بحي الفتح بالرباط.
أما علي الذي يعمل مهندسا للدراسات والتنمية في شركة متعددة الجنسيات بباريس منذ أزيد من عشر سنوات، فيفضل السفر إلى المغرب عبر السيارة، لكونها أقل تكلفة، مضيفا “أنني اعتدت على جلب تلفازي ومذياعي وفرني وأثاثي الخاص لبيعه في المغرب، وذلك بهدف تجديد الآلات المنزلية”.
وقد قام علي ببيع سيارته العام الماضي بمدينة طنجة، مضيفا “أن مقامي في المغرب خلال عطلة الصيف تشكل أيضا فرصة لممارسة نشاط مدر للدخل”.
بدورها أكدت فدوى طالبة في السنة الثانية بسلك الماستر بالمدرسة العليا للتجارة بتولوز، أنها لا تشكل استثناء من بين العديد من المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يقومون ببيع منتجات مختلفة من أجهزة إلكترونية وملابس، معتبرة أنها وسيلة فعالة لتمويل إقامتها في المغرب وتغطية تكاليف السفر.
وتروي فدوى “في البداية، قمت ببيع منتجات للأصدقاء وبعض المعارف، قبل أن أوسع دائرة زبنائي، لاحقق أرباحا هائلة، انتقلت بعدها إلى البيع عبر المواقع المغربية الخاصة بالتسوق (التجارة الإلكترونية)، وذلك لإرضاء مختلف الأذواق والاستجابة للحاجيات”.
“اقتربوا اقتربوا ..! لم يبق الكثير، مجموعة مقالي عالية الجودة بخمسين درهما فقط”، هكذا يحاول محمد مهاجر مغربي مقيم بإسبانيا، جذب انتباه المارة قي مدينته الأم الدار البيضاء بدرب غلف تحديدا.
واعتبر محمد الذي يتعاطى التجارة منذ سنوات، أن هذا النشاط يمكنه من توفير مبالغة مهمة.
وخلال تواجده بالمغرب لقضاء عطلته الصيفية، أثار انتباه محمد ولع المستهلكين المغاربة بالمنتجات المستوردة من أوروبا، مضيفا “أن هذا ما دفعني إلى خوض تجربة التجارة، ويمكن القول إنني أعمل في الاستيراد والتصدير في الوقت الحالي”.
وأضاف “أقوم برحلات ذهابا وإيابا على مدار السنة للاتجار في مختلف السلع، حيث أبيع الأواني والملابس، بالإضافة إلى الأجهزة المنزلية بجودة وسعر جيدين”.
ويجسد محمد مثالا للعديد من المغاربة المقيمة بالخارج الذين يزاولون التجارة بالمغرب، حيث يزداد عدد من يقررون مزج الاستمتاع بالاستفادة خلال العطلة، عبر التعاطي لتجارة الأجهزة المنزلية والسيارات والمواد الغذائية والملابس.
ويبقى سوق درب غلف، أحد أكبر الأسواق التجارية بالعاصمة الاقتصادية، المكان المفضل بالنسبة لبعض أفراد الجالية، ويؤكد حسن (مقيم في ألمانيا) في هذا الصدد أن اختيار سوق درب غلف ليس اعتباطيا ،حيث أنه يجذب آلاف الزبناء المتعطشين للفرص المربحة.
وأوضح المتحدث” أحاول اقتراح منتوجات ذات جودة جيدة بثمن معقول لزبنائي، فالمنتوجات الأوروبية تتمتع بسمعة جيدة ولهذا السبب فهي تنفذ في وقت وجيز” ،كما أشار إلى أهمية هامش الربح.
وهكذا، فالعطلة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج تشكل فرصة لاعادة ربط العلاقة مع البلد الام والعائلة والأقارب، وكذا مناسبة للربح أو على الأقل تغطية تكاليف الإقامة، وبذلك ضرب عصفورين بحجر واحد. وتسمح الخبرة والحذق اللذان تكتسبهما الجالية في بلد الاقامة، بالمساهمة في تنمية السياحة الوطنية و النشاط الاقتصادي والتجاري.
ويتفق عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين و المحللين حول أهمية التحويلات المالية التي يقوم بها المغاربة المقيمون بالخارج، إذ يجسد الحساب الجاري لميزان الأداءات، منذ سنوات، الدور الايجابي للتحويلات البنكية في تخفيف العجز المسجل في المبادلات بين المملكة و الخارج.
وقال الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو، خلال حديثه عن نتائج دراسة حديثة أجريت حول هذه الفئة، أن الايرادات المحققة في الربع الأول من سنة 2016 سجلت ارتفاعا بنسبة 3 بالمائة، منتقلة بذلك من 28,1 مليار درهم في متم شهر يونيو 2015 إلى 29,1 خلال نفس الفترة من السنة الجارية، وأبرز أن تحويلات الأموال التي يقوم بها المغاربة المقيمون بالخارج تشكل احتياطيا مهما للصرف بالنسبة للاقتصاد المغربي.