بقلم: صفاء أكرجوط
بعد مرور ثلاثة أشهر على الزلزال المدمر الذي وقع في منطقة الحوز ومناطق أخرى متأثرة في 8 سبتمبر 2023، وتم تسجيل 5500 جريحًا و2900 حالة وفاة، بما في ذلك 86 شخصًا من دوار أمكدول في بلدية ثلاث نيعقوب بإقليم الحوز، بينهم 21 طفلاً. فإن كل شخص تأثر بهذه المأساة فقد فقد أكثر من عضو واحد من أفراد عائلته، سواء كانوا من أفراد العائلة المباشرة أو الموسعة.
من بعيد، قد يبدو الأمر كأن الحياة عادت إلى طبيعتها وكل شيء على ما يرام. ومع ذلك، في كل خطوة نخطوها للأمام، تظهر لنا مشاهد صادمة تجعل من الواضح أن الأرض قد انشقت وابتلعت كل شيء في طريقها.
خلال تفاعلنا مع الساكنة، أصبح لدينا وعي تام بأهمية تقديم التمكين النفسي والاجتماعي فمن خلال الورشات المنظمة من طرف مؤسسة الأطلس الكبير بالتعاون مع مشروع الأمل. يهدف هذا الدعم إلى مساعدة النساء والأطفال المتضررين من الزلزال على استعادة الشعور بالحياة الطبيعية على الرغم من التشققات العميقة التي تركها هذا الكارثة، علمًا أن هذه المهمة لا يُمكِن استعادتها بالكامل في ظرف أربعة أيام فقط من ورشة عمل.
الحالة النفسية للأطفال في هذه المنطقة صعبة للغاية، وهم في حاجة ماسة لدعم خاص ومتابعة بسبب التجارب الصادمة التي عانوا منها في سن مبكرة، فمن خلال محادثاتي معهم، أثار نضجهم انتباهي حيث وصفوا شدة ما شهدوه بكل دقة كأنه حدث اليوم، خصوصًا أمينة التي فقدت اثنين من إخوتها. كانت تقلِّد أنين أخيها الأصغر من تحت الأنقاض.
تستمر الحياة بغض النظر عن المعاناة، بالإضافة إلى انفصالها عن صديقتها المقربة زكية البالغة من العمر تسع سنوات، في كل مرة تروي لي فيها أفعال زكية أو كلامها، يبدو كما لو كانت تحاول الاحتفاظ بذكرى تخشى أن تتلاشى.
تُعد الورشة فرصة للمستفيدات الحصول على التوجيه والدعم النفسي الضروري، فهي تساهم بشكل كبير في زيادة الوعي بالسلامة النفسية وأهمية التعامل مع قضايا صحة العقل في أعقاب الأحداث التي شهدوها، فهي منصة لتبادل التجارب، والتعبير عن المشاعر، وتعلم استراتيجيات التكيف.
تؤكد الورشة أيضًا دور الدعم الاجتماعي وقوة التحمل، من خلال التلاقي ومشاركة القصص ودعم بعضهم البعض، يستطيع المتأثرون بدء إعادة بناء حياتهم وإيجاد القوة التي يبحثون عنها في التلاحم فيما بينهم.
إنه أمر حاسم أن ندرك أن عملية التئام الجروح تستغرق الوقت والمواكبة المستمرة، فهي تعمل على توفير توجيهًا أوليًا للمستفيدات من خلال عمليتي التنفس العميق والتعبير عن المشاعر المخزنة في العقل الباطني، كما هناك حاجة ملحة لجهود طويلة المدى لمعالجة التأثيرات الدائمة للزلزال على صحة العقل لدى الأفراد.
بينما نواصل عملنا مع المجتمع، فإننا ملتزمون بتقديم الدعم والمساعدة المستدامة أثناء تخطيهم هذه الفترة الصعبة. نسعى جنبًا إلى جنب مع شركائنا إلى استعادة الأمل وإعادة بناء الحياة والإسهام في التنمية المستدامة في المناطق المتضررة من الزلزال.
صفاء أكرجوط، مؤطرة بفريق الدعم النفسي الاجتماعي بمؤسسة الأطلس الكبير