حين تحضر عقلية الصالون والفيترينا فاعلم اننا في وضعية التناقض وامام الصور الخداعة التي لاتعكس حقيقة الواقع كم من الصور خدعتنالتخفي وراءها كل الاخطاء التي ارتكبها المسؤولون في حق الساكنة وهي عقلية تعامل الناس بمنطق الوصاية ومصادرة الحق في العيش ومحاربة الذوق الرفيع وتحطيم كل المقومات التي تزخر بها ثقافتنا المغربية .إنها لازمة تحكم تدبير كثير من إداراتنا وقطاعاتنا الحكومية ، وعملية تدليسية تخفي وراءها واقعا متخلفا يحارب الحكامة والنجاعةويعطل من تأهيل بعض القطاعات مع الأسف الشديد الذي لانكتشف حقيقته الابعد فوات الأوان.صورة كاريكاتورية مستنسخة من عقلية ربات البيوت اللواتي يدبرن شأن منازلهن بعقلية “الصالون والفيترينا”.إذلايخلو بيت من هذه القاعدة مهما اختلفت درجة ومستواه المعيشي.حيث نجد عند مدخل البيت فضاءاستقبال الضيوف الذي يعتبر الواجهة الأساسية التي تعكس مستوى عيش العائلة والباقي امكنة تخفي اسرار العائلة وربما بعضها الداخلي لايراه سوى الاقارب والذين يعتبرون في اعرافنا من خاصة الخاصة .هذه التراتبية العجيبة في تنظيم الفضاءات توحي بخلاصة مفادها أننا نعيش بصورتين مختلفتين في علاقاتنا ببعضنا البعض ، صورة تختزن اسرارنا الداخلية وصورة متاحة للجميع وهي الواجهة التي تخفي الحقيقة.ولعل من ابرز التناقضات التي نعيشها في ظل هذه الوضعية الملتبسة اننا ناكل في اطباق قديمة بينما اجملها واجودها مركونة في خزانة ذات زخارف انيقة .كما اننا نستطيع في نومنا استعمال اغطيةرديئة وقديمة بينما اخرى ذات جودة عالية معلقة في اكياس بلاستيكية فوق الخزانة. وهلم جرا من المفارقات العجيبة والغريبة.
لاتخرج كثير من المدن في وطننا العزيزعن هذه القاعدة الشاذة ، بل اغلب الصور من مدخل المدينة إلى الشارع الرئيسي الذي يضم الادارات ومكاتب الشركات والحدائق وواجهات المحلات التجارية ذات الصيت العالمي لاتعكس الصورة الحقيقية لما يوجد خلفها .فكلما توغلت في ازقتها الهامشية واحيائها القديمة وجدت عكس الواجهة .فاذا كانت الشوارع الكبرى نظيفة ومغطاة بالاشجار والارصفة وكراسي لتوفير راحة الزوار فان بالداخل لن تجد بعضا منها .كل مايسر العين بالخارج عكسه موجود بالداخل ، المواطن البسيط يعاني من الفوضى والاوساخ وصعوبة السير والجولان وقلة المرافق العمومية ان لم نقل انعدامها بالمرة ولكي يستفيد منها عليه ان يخرج من جحره ليبحث عنهابتكلفةمن الوقت والمصاريف في الخارج او لنقل في الواجهة.المسؤولون عن تدبير معيشنا اليومي بالمدن لايختلفون عن عقلية”الصالون والفيترينا” الموجودةفي اغلب بيوتنا المغربية. بل تجد بعضهم يصادرون مقدرات الداخل ويأخذونها غصبا لتحول في خدمة الخارج من اجل تلميع صورة الواجهة. ومن الأمثلة البليغة في هذا الموضوع مانجده من صور تدبيرية فيها من الحيف الشيء الكثير .حيث المناطق الراقية تتمتع بتعامل خاص من حيث الجودة في الوسائل والخدمات والسرعة في التنفيذ مثلا استبدال اعمدة الانارة في نفس اليوم وفي زمن قياسي في شوارع الواجهة بينما ازقة اخرى لازالت الأتربة والظلام فيها سيد الموقف.إنها ياسادة عقلية “الصالون والفيترينا ”
ذ ادريس المغلشي .
المقال السابق
المقال التالي
قد يعجبك ايضا