صدر حديثا عن منشورات “بويون دو كولتور” كتاب “صناع مصير مغاير: الحرف التقليدية والتهييء لإعادة الإدماج بالسجون المغربية” لإدريس جيدان ومحمد عبد الجليل الهجراوي، وذلك بمبادرة من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
ويضم الكتاب ، الصادر بثلاث لغات (العربية والفرنسية والإنجليزية) والذي يقع في 243 صفحة من الحجم الكبير ، والمعزز بعدة صور فوتوغرافية من تصوير جون ماديسكي ، إبداعات ومنتوجات السجناء في مجال الصناعة التقليدية بمختلف الورشات الحرفية بالمؤسسات السجنية بالمملكة.
وتسعى المندوبية العامة من خلال نشر هذا الكتاب إلى التعريف والرفع من قيمة العمل الفني للسجناء وإبراز طاقاتهم الإبداعية بما يتيح تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على الاندماج بالمجتمع بعد الإفراج عنهم.
وفي كلمة له في مستهل الكتاب، أبرز المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، السيد محمد صالح التامك، أن هذا المؤلف “يروي في الواقع بكيفية مغايرة هذا التحويل الصامت للحياة السجنية الذي يسعى إليه السجين، في بحثه المستمر عن كينونة تروي تطلعاته، وعن أمل في مستقبل أفضل”.
وأضاف السيد التامك “ولئن كان اللقاء المقترح على القارئ عبر صور مواد الصناعة التقليدية التي أنتجها السجناء تتبع في المؤلف الحالي طريقا جديدا، ربما أكثر ذهنية، -هو طريق تقدير دقة التنفيذ وصرامة التقنية وأهمية التفاصيل واحترام القاعدة-، فإنه يكشف بنفس القدر من القوة الشكل الجديد لوجود السجين، جهده الرضائي، الصامت والمثابر. جهد الانصياع لانضباط الصناعة التقليدية، وتبني قواعدها وقيمها”. وأكد المندوب العام “أن المواد المنجزة بعناية ودقة، تعبر عن التزام السجناء بقيمة العمل، بالتلقي شبه الروحي لتلقين المعلم للمتعلم، في سياقة من التوبة وانخراط مسؤول في خدمة المجتمع”.
وختم السيد التامك بالقول “إن كل مسلك حرفي، وكل مادة منجزة، وكل برنامج للتكوين المهني في سجوننا، لهي مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لنا جميعا، من سجناء ومسيرين للإدارة السجنية، لأنها تجسد وتجلو الميثاق الضمني الذي يربط بعضنا ببعض، ميثاق صون حقوق الإنسان في الوسط السجني، والنهوض بها من خلال السهر على إعادة إدماج السجين”.
من جهته، قال مؤرخ المملكة ، السيد عبد الحق المريني، في تقديمه للكتاب “أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تقوم بتكوين وتنمية المهارات والكفاءات لنزلاء المؤسسات السجنية المتطلعين للحصول على عمل في ميدان الصناعة التقليدية، وتمكينهم بعد الإفراج عليهم من العيش الكريم والاندماج في مجتمعهم من جديد، سالكين الصراط المستقيم في تعاملهم مع الآخرين، ومتحلين بالأخلاق الفاضلة في حياتهم الأسروية والعامة”.
وأضاف السيد المريني أن “العمل الحرفي قد يعوض السجين متعة الخروج والدخول، وحرية التنقل بين مكان وآخر، ويجعله ينهمك بمحض إرادته في ابتكار تحفة فنية من نحاس أو خشب أو جلد أو جبص أو طين، تطيب لها نفسه، وينعم بها قلبه، وتخفف عنه ألم الغربة والقيد والاعتقال، وتبشره بفرج قريب- بعد توبته مما ارتكبه-، لا رجعة فيه”.
وتابع الأستاذ المريني أن هذا المؤلف “قد كتب على طريقة النثر الفني، فأبرز بأسلوب شعري علاقة السجين بفن الصناعة التقليدية وإبداعاته وفضلها عليه. وبين كيف تمكنت أيادي السجناء من الرجال وأنامل السجينات من النساء، -التي اقترفت الجرائم بمختلف درجاتها- أن تصنع أشياء جميلة تسر الناظرين”.