رسالة موجهة إلى فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون بمناسبة اقتراح المساعدة إثر محنة الزلزال الذي ضرب المغرب. بقلم الأستاذ محمد محاسن أستاذ التعليم العالي بالمغرب
سيادة الرئيس ماكرون ،أود بادئ ذي بدء أن أشكرك على رسالتك المتعاطفة والداعمةوكذا على خطابك المساند الذي توخيا لتبديد سوء الفهم ، ووضع حد للجدل ولإسكات الأفواه الفاغرة التي تنفق نيران الفتنة والتفرقة واسعة لتأجيج الخلاف بدل البحث عن التفاهم والائتلاف، وإخماد جذوة النيات السيئة التي لا تهدف سوى لرؤية العلاقات بين البلدين تصير من سيء إلى أسوأ بدلا من السعي للعمل على صيروتها من أحسن إلى أفضل. إننا نأمل أن تترجم الكلمات الحكيمة والمصالِحة والمسالمة إلى أفعال حتى يتجلى صدقها ومصداقيتها واكتسب كامل فعاليتها خاصة فيما يتعلق ببلدي وقضاياه المقدسة – التي لن أفصل فيها لأنني أعلم أنك تعرف واعي حق المعرفة ما أقصده – إنها القضايا المقدسة التي يصمم المغاربةوملكهم على الدفاع عنها بلا هوادة ولا يقبلون بشأنها أية مقايضة. لدينا كامل الثقة في حكمة ملكنا الذي نحبه ونقدره والذي بايعناه تاجاً فوق رؤوسنا، ونبارك كل قرار أو أمر صادر عنه، ونساند كل منهج يختاره في حكامته النيرة ونسهم بكل فعالية من أجل إنجاح كل استراتيجية يضعها جلالته من أجل فرض عزة هذا الوطن. إن كرامتنا هي جزء لا يتجزأ من كرامة ملكنا وكرامة جلالته هي جزء لا يتجزأ من كرامتنا؛ ذلك ما يشكل منبع فخرنا وجوهر اتحاد وتلاحم ووحدة الشعب المغربي العظيم .
لا يسعنا هنا إلا أن نشكر جميع الدول الصديقة والصديقة وحتى تلك التي لدينا معها خلاف على دعمهم وتعبيىهم عن الرغبة في تقديم العون و المساعدة للمغرب من أجل تجاوز هذه المحنة القاسية ومواجهة النتائج الكارثية للزلزال، وهو الأمر عبر عنه -بما يكفي من الصراحة والفصاحة- صاحب الجلالة إثر اجتماعه بلجنة تدبير الأزمات وصدر في بيان صحفي رسمي عن الديوان الملكي.
إن قبول فرق التدخل من البلدان الصديقة والشقيقة، والتي هي عديدة وكثيرة والحمد لله، يخضع للعديد من المعايير والأمور المتعلقة بالتسيير والتدبير ، وبطبيعة المساعدات المقترحة ، وبمدى معرفة المجال وجغرافيا المناطق المتضررة ، و اللوجستيك وكذا الطبيعة العلائقية التي تربط بلدنا بتلك الدول، والتي تؤثر حتما على مستوى الثقة اللازمة في جميع الظروف وكما تعلم سيادتك جيدًا فإن كثرة المتدخلين إنما تتحول إلى ضرر وتسوق إلى الإضطراب في وقت نحتاج فيه إلى حسن التدبير والكفاءة في السيطرة على الوضع. من أجل الحصول على أفضل النتائج. والدايل على ذلك هو أن المغرب قد نجح بالفعل في صنع ملحمة خالدة، حيث يتم إنقاذ الضحايا وإسعاف الناجين منهم وانتشال جتث الضحايا من الركام ودفن الوفيات كما أن عملية الإنقاذ مستمرة في أفضل الظروف ووفق مخطط محكم فعال … نعم انتظروا مراحل أخرى ليست أقل أهمية متعلقة بإعادة الإعمار ، وإعادة تأهيل البنايات ودعم الضحايا … وقتئذ وبالتأكيد أن المغرب سوف يقوم بذلك بوسائله وإمكانياته وسيقبل بالتأكيد المساعدة التي تقدمها بلدان أخرى إضافة إلى الأربع التي تعمل حاليا في هذا المجال وتتدخل في الميدان. إن الأمر بالنسبة للمغرب لا يتعلق باستغلال الأزمة من أجل تكديس المساعدات وتحقيق المكاسب المادية بل يتعلق أساسا بمعرفة الاحتياجات الحقيقية وقبول التدخلات الأنسب والأكثر نجاعة.
إن الكل يرى ويشهد بأن المغاربة شعبا وملكا لا ولن يتخلوا عن أبنائهم وإخوانهم وآبائهم في محنتهم بل على النقيض من ذلك ، إن التعبئة شاملة والعون والمدد يقدم بشكل فردي وجماعي: مثال رائع اعترف به القاصي و الداني ولا يمكن أن ينكره إلا مجحف. مرة أخرى، كما الفنيق، سيولد المغرب من رماده
سيادة الرئيس أعبر لك مرة أخرى عن شكري الخالص وكذا تقديري لكل الشعب الفرنسي الصديق على السند والمواساة الصادقة المعبر عنها.
الدكتور محمد محاسن. أستاذ التعليم العالي نائب رئيس الرابطة الدولية للأساتذة والمحاضربن