✍🏼 بقلم: [ذ.هشام الدكاني]
شهدت السنوات الأخيرة تصاعدا في الأعمال الفنية التي تسلط الضوء على الأزمات الإجتماعية والإقتصادية التي تواجه الأفراد في ظل الأنظمة الرأسمالية الحديثة.
ومن أبرز هذه الأعمال ، المسلسل الكوري الجنوبي «Squid Game» ، الذي يعكس صراع الأفراد مع واقعهم المرير لتحقيق البقاء في بيئة عديمة الرحمة.
إذا أسقطنا هذه الرمزية على الواقع المغربي ، نجد أن هناك تشابها كبيرا بين المعاناة التي يواجهها أبطال المسلسل وتحديات الحياة اليومية التي يعيشها جزء كبير من المجتمع المغربي ، خاصة في ظل الفوارق الإجتماعية والإقتصادية المتزايدة..
يتميز الواقع المغربي بتفاوت كبير في توزيع الثروة والفرص ، حيث يعاني جزء كبير من السكان من هشاشة ٱقتصادية وٱجتماعية ، تفاقمت نتيجة لعوامل عدة ، مثل:
– البطالة:
معدلات بطالة مرتفعة ، خاصة بين الشباب ، ما يضعهم في مواجهة خيارات محدودة وصراعات يومية للحصول على فرص عمل.
– الهشاشة الإجتماعية:
غياب بنية تحتية قوية في مجالات الصحة والتعليم يزيد من معاناة الطبقات الهشة ، ويدفع الأفراد إلى ٱتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر للحصول على حياة أفضل.
– التفاوت الإقتصادي:
يبرز التناقض بين مظاهر الثراء الفاحش في بعض الفئات والفقر المدقع في فئات أخرى ، مما يخلق شعورا بالإقصاء والإحباط لدى العديد من المواطنين.
✓رمزية «Squid Game» وتقاطعاتها مع الواقع المغربي:
1/ الصراع من أجل البقاء:
في المسلسل ، يشارك المتسابقون في ألعاب مميتة للحصول على فرصة للنجاة من أزماتهم المالية ، هذا الوضع يرمز إلى نضال العديد من المغاربة الذين يجدون أنفسهم في سباق يومي لتأمين ٱحتياجاتهم الأساسية ، سواء من خلال البحث عن العمل أو التعامل مع ظروف عمل مجحفة.
2/ الديون كمصدر للأزمات:
الديون تمثل أحد المحاور الرئيسية في المسلسل ، وهو واقع يعيشه الكثير من المغاربة الذين يعتمدون على القروض لتغطية ٱحتياجاتهم الأساسية ، مثل: السكن والتعليم ووو…
ومع ٱرتفاع تكاليف المعيشة ، تتحول هذه القروض إلى عبء يهدد ٱستقرار الأسر..
3/ تآكل القيم الأخلاقية تحت ضغط الظروف:
يسلط «Squid Game» الضوء على الكيفية التي تدفع بها الأزمات الفرد إلى ٱتخاذ قرارات أخلاقية صعبة..
في المغرب ، يواجه الأفراد مواقف مشابهة ، مثل قبول أعمال غير قانونية أو اللجوء إلى الرشاوى للحصول على حقوق أساسية.
رغم كل التحديات ، يظل الأمل في تحسين الأوضاع دافعا قويا لدى المغاربة ، كما هو الحال في «Squid Game».
يتمثل هذا الأمل في رغبة الشباب في الهجرة أو البحث عن فرص لتطوير أنفسهم.. ومع ذلك ، يتطلب هذا الأمل تعزيزا من خلال سياسات حكومية تستهدف تقليص الفوارق الإجتماعية والإقتصادية بأفعال.. لا بأقوال.
رغم التشابه بين المسلسل والواقع المغربي من حيث الرمزية ، يبقى الإختلاف الأساسي في الطبيعة البشرية للمجتمع المغربي ، حيث لا تزال قيم التضامن والدعم المجتمعي قائمة من خلال الأسر و بعض الأصدقاء ، التي تلعب دورا مهما في تخفيف وطأة الأزمات.
يعكس مسلسل “Squid Game” بطريقة درامية التحديات التي يفرضها النظام الإقتصادي غير العادل على الأفراد ، وهي تحديات لا تختلف كثيرا عما يعيشه المجتمع المغربي في ظل واقع ٱجتماعي وٱقتصادي جد معقد خصوصا إبان الحكومة الحالية.
إن تجاوز هذه التحديات يتطلب مقاربة شمولية تركز على تحقيق العدالة الإجتماعية ، وتعزيز تكافؤ الفرص ، وبناء نظام يدعم حقوق الأفراد في التعليم والعمل والصحة..
بهذا فقط، يمكن للمجتمع المغربي أن يتجاوز أزماته ويحقق طموحات أفراده في حياة كريمة ومستقرة.