ذوو الاحتياجات الخاصة بجهة كلميم .. قرائح شاعرة وقصص نجاح وفرح نكاية في المعاناة

0 547

أظهرت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، التي أعلن عنها في شهر أكتوبر من العام الماضي، أن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في جهة كلميم – واد النون هي الأكثر ارتفاعا وطنيا بمعدل 4,8 في المائة.

وبقدر ما يحيل هذا الرقم على معاناة الأسر والشخص في وضعية إعاقة مع ما يرهق جسمه وذهنه من عجز أو صعوبة، بقدر ما يحيل أيضا على قصص نجاح وتحدي وتصميم غامر على اقتناص النجاحات من تحت أجنحة حياة ضنينة.

ففي لقاء نظم في الآونة الأخيرة بكلميم حول مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الحياة العامة، انطلق لسان شابة من هذه الفئة بقصيدة شعرية من سحر البيان، موزونة بدقة، منظومة على دقات الألم والفرح، تعصر في قالب شعري ماتع المعاناة وفيض الأمل، العجز والإصرار والتحدي، بوتقة من الكلمات تحرر الجسد من الصور الجاهزة إلى غير رجعة، تلك الصور التي تسبل على كل شخص في وضعية إعاقة مشاعر الشفقة، أكثر من مشاعر الفخر والاعتزاز اعترافا بما له من مشروعية إنجاز سواء بسواء مع بقية فئات المجتمع.

“حرمت من التمدرس لسنوات عديدة، لكني استطعت بمفردي أن أتحدى من كان يرى أني عالة على المجتمع، درست وثابرت، ثم ارتقيت بالمعرفة والعلم، وها أنا اليوم شاعرة، ينطلق لساني بشعر تراثي حساني وعربي أصيل”، تقول أهل بيه خيول، ابنة مدينة طانطان، التي لم تمنعها إعاقتها من تحقيق ذاتها في الشعر بفخر أمام الحاضرين في اللقاء.

العربي أضرضور، الذي شارك في هذا اللقاء إلى جانب خيول، يحمل وراءه قصة نجاح أخرى في تفصيلها اقتحام دائرة صنع القرار المحلي. ترشح أضرضور للانتخابات الجماعية الأخيرة، ونجح في الحصول على مقعد له مستشارا جماعيا بطانطان، وهو الآن يمثل الناخبين ويحمل أيضا صوت ذوي الاحتياجات الخاصة ومطالبهم في مهمته الانتدابية.

يقول أضرضور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه يطمح إلى أن يستثمر تجربته الطويلة في العمل الجمعوي لدعم الأشخاص في وضعية إعاقة في الحقل السياسي، الذي تعامل لمدة طويلة مع “مطالبنا بشكل موسمي وضمن سياسات لا يحضر فيها هم الإشراك في التدبير والإدماج في الحياة العامة بالشكل المأمول، أرجو، في حدود المستطاع، أن أكون صوتا لهذه الفئة داخل المجلس”.

أضرضور يرى أن أكبر عائق أمام الشخص في وضعية إعاقة هو “نظرة المجتمع التي تبقى حبيسة صور جاهزة تحول دون تحقيق الإنسان للعديد من الأمور التي يصبو إليها”، معتبرا على الرغم من ذلك أنها نظرة بدأت بالتلاشي والزوال مع التراكم الحاصل في الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.

من جهته، يسرد عبد الرحمان إد المقدم، رئيس جمعية تحدي الإعاقة بكلميم ورئيس الاتحاد الجهوي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بجهة كلميم – واد نون، باعتزاز، لوكالة المغرب العربي للأنباء، قصص نجاح رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة بالجهة والمدينة والتي كان من آخرها التحاق فتاتين من هذه الفئة قبل أشهر بالمنتخب الوطني لكرة السلة على الكراسي المتحركة عن كلميم.

“إضافة إلى ذلك، حصلنا على 19 ميدالية في الألعاب الوطنية للأولمبياد الخاص المغربي في إفران سنة 2013، وقبلها، في 2011، حصلنا على الرتبة الثانية في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص الدولي باليونان في فردي تنس الطاولة، والرتبة الثالثة في زوجي تنس الطاولة”، يقول إد المقدم.

ما يحققه هؤلاء الفتيان والفتيات من إنجازات على الرغم من إعاقاتهم، يضيف إد المقدم، يخلف شعورا كبيرا في “نفس المرء بالاعتزاز والفرح ويعكس ما يتمتعون به من مؤهلات وإمكانات عالية، للأسف لا تزال لا تحظى بالتحفيز والرعاية الكافيين، ما يعيق الجهود المبذولة في سبيل تحقيق أكبر قدر من الإدماج المجتمعي والامتياز الرياضي”.

من جانبه، يؤكد المنسق الجهوي للتعاون الوطني بجهة كلميم – واد نون، الطالب بويا أبا حازم، أن مؤسسة التعاون الوطني “تعطي دوما الأسبقية في كافة برامجها الاجتماعية لهذه الفئة، وتدعم الجمعيات العاملة في هذا المجال، والمراكز الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، إضافة إلى الجانب المتعلق باقتناء المعدات الطبية اللازمة من كراسي متحركة وعكاكيز طبية وغيرها”.

ويوضح أبا حازم، في تصريح للوكالة، أن تدخل المنسقية يشمل دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة من خلال تقديم منح للجمعيات التي تتولى هذه المهمة بمختلف أقاليم الجهة الأربع، وتمكين هذه الفئة من الاستفادة من مشاريع مدرة للدخل، وكذا اقتناء المعدات الطبية التي تحتاج إليها”.

وفي هذا الإطار، أبرز المسؤول الجهوي أن المنسقية تعمل، حاليا، على فتح مراكز للتوجيه والاستقبال بكافة أقاليم الجهة في إطار تقريب الإدارة من ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، كما أنها تسهر على تنسيق “توزيع أجهزة تعويضية (أطراف اصطناعية) على الأشخاص في وضعية إعاقة ممن يحتاجونها”.

وغير بعيد عن هذا الإطار، يعتبر محمد الكت، مدير المركز الاجتماعي التربوي لذوي الاحتياجات الخاصة بكلميم، أن إسهام منسقية التعاون الوطني وشركاء آخرين في تيسير حياة الأشخاص في وضعية إعاقة “هام وأساسي” إلا أنه لا زال غير كافيا.

ويشير الكت، الذي يتكفل المركز الذي يديره ب130 طفلا في وضعية إعاقة، إلى الحاجة الملحة لتوسيع الطاقة الاستيعابية للمركز، “خاصة مع لائحة انتظار تضم ما لا يقل عن 76 طفلا، وتوفير دعم مالي قار للمركز، وتوسعة قاعدة الشركاء والداعمين، وسد الخصاص في الأطر العاملة المؤهلة لرعاية الأطفال في وضعية إعاقة”.

وكانت “جمعية التضامن مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة” بكلميم قد وجهت بمناسبة اليوم الوطني للمعاق الذي يتم الاحتفاء به يوم 30 مارس من كل سنة نداء للسلطات الجماعية بالمدينة من أجل دعم نشر الولوجيات بالمدينة ضمانا لحق هذه الفئة في ولوج كل مرافق الحياة الاجتماعية.

ويعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، حسب الأمم المتحدة، كل شخص يعاني من صعوبة كبيرة أو عجز كلي في إحدى الوظائف الستة المستلزمة لممارسة الحياة اليومية (الرؤية، السمع، المشي أو صعود الأدراج، التذكر أو التركيز، الاعتناء بالذات والتواصل باستعمال اللغة المعتادة).

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.