دعا جامعيون ومفكرون، أمس الخميس، في لقاء فكري بفاس حول “الدين والسياسة .. مقاربات مفتوحة”، الى تبني الوسطية في الخطاب الديني ونبذ كل أشكال العنف.
وشدد المتدخلون في هذا اللقاء، الذي نظمته جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس وكرسي الإيسيسكو عبد الهادي بوطالب للفكر الإسلامي، على ضرورة مراجعة الخطابات الدينية التي كانت أداة للتعبئة من أجل الكفاح ومقاومة المستعمر ليصبح اليوم أداة للتحريض على التناحر والاقتتال وزرع بذور الفتنة والشقاق.
وأبرز المشاركون في هذا الموعد الفكري، الذي يندرج في إطار الاحتفاء بالذكرى السادسة لوفاة المفكر والباحث الأستاذ عبد الهادي بوطالب، الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه العلماء والمثقفون والمفكرون والفلاسفة في نشر وعي ديني مبني على التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وفي مداخلته، أكد عميد كلية والآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز عبد الاله بلمليح أن هذا الملتقى الفكري، الذي يأتي لتفعيل تأسيس كرسي الإيسيسكو عبد الهادي بوطالب، يروم معالجة منظومة الفكر العلمي المعاصر في ضوء طموح الفلاسفة ورجال الفكر والتاريخ الى تحقيق السلم والتعايش في ظل التحديات الدينية والسياسية التي تواجه المجتمعات اليوم.
وأضاف بلمليح أن هذه التظاهرة العلمية تعكس التعاون المتواصل بين جامعية سيدي محمد بن عبد الله بفاس والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) من أجل تعزيز أهدافهما العلمية والتربوية المشتركة والتعريف بإسهامات الراحل عبد الهادي بوطالب الفكرية الداعية الى التربية على قيم الحوار ونشر ثقافة اسلامية قائمة على الوسطية.
ومن جهته، أشار المشرف على مديرية العلاقات الخارجية والتعاون بالمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، مصطفى أحمد علي، الى التحولات والصراعات الخطيرة التي يشهدها بعض البلدان الاسلامية نتيجة استغلال خطابات دينية متطرفة أينما كانت مصدرها من أجل الاستقطاب والتنافس على السلطة.
ودعا مصطفى أحمد الى التصدي للمواقف والخطابات الدينية التي زاغت عن مسارها الصحيح، من خلال تحفيز المفكرين والمثقفين والفلاسفة على المساهمة بشكل فعال في التخطيط والإرشاد وتنوير الأجيال الصاعدة وتربيتهم على القيم الدينية السمحة.
وذكر في هذا الصدد بالدور الذي لعبته مراكز الحضارة الاسلامية المتقدمة في الأندلس وصقلية وبلاد الشام، والتي كانت منارات للفكر والفلسفة والمعارف التي انتقلت الى أوروبا وأفرزت ما يسمى في تلك الحقبة بعصر التنوير والنهضة الأوروبية الحديثة.
وبدوره، أكد رئيس مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري مجيد بوطالب أن هذا اللقاء الذي يدشن برنامج عمل “كرسي عبد الهادي بوطالب” يعكس الحاجة الملحة لتعزيز دور الجامعات والمؤسسات الثقافية في تقوية الأنشطة التي تؤطر الشبيبة العربية والاسلامية لخدمة السلم والتعايش مع الآخر المستمدة من أصول وعناصر الإسلام ومن الفكر التنويري لرواد الإصلاح والتغيير والتجديد الديني في العالم العربي الإسلامي.