تكليفات خارج التشريع …… تسائل مبدأ الحكامة بمديرية الصويرة.
بقلم : محمد أمين وشن .
ارتباطا بمقالنا الأول والذي أشرنا فيه الى تكليف 29 أستاذا للتعليم الابتدائي بمهام إدارية و تربوية في قفز صريح عن كل المذكرات و المراسلات الوزارية ذات الصلة . لا بأس أن نذكر بالخصاص المهول الذي تعرفه المديرية الإقليمية بالصويرة على غرار باقي المديريات وطنيا في ما يخص أطر هيئة التدريس بجميع الأسلاك وهو ما كان يقتضي من المسؤولين الإقليميين تدبيرا معقلنا للإشكالية ، و تحديدا مُشرعَنًا للأولويات التربوية ، ضمانا لتكافؤ الفرص و العدالة المجالية التعليمية بين كل أبناء الإقليم ، غير أن المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة بإقليم الصويرة كان لها رأي آخر في الموضوع حيث وأمام إشكالية الخصاص المهولة في أطر هيئةالتدريس عمدت إلى تكليف 29 أستاذا للتعليم الابتدائي ” بمهام التنسيق الإداري و التربوي إلى جانب مهامهم الأصلية التدريس ” ( سنعود لصيغة التكليف ) في تجاهل تام أو قفز أو سمِّه ما شئت لمنطوقالمذكرة الوزارية 0999/18 الصادرة بتاريخ 20 شتنبر 2018 الذي تم التصريح من خلالهابالمنع النهائي لتكليف أطر هيئة التدريس بمهام إدارية أو مهام التسيير المادي و المالي ، و للمراسلتين الوزاريتين اللتان تحملان تواليا رقم : 2979/24 و 3610/24 والقاضيتين بإسناد المناصب الإدارية الشاغرة أو تكليف بصفة مؤقتة للمتصرفين التربويين غير المزاولين لمهام الإدارة التربوية الذين سبق إعفاؤهم منذ خمس سنوات متصلة على الأقل إلى غاية فاتح شتنبر 2024 بطلب منهم لأسباب صحية أو بعد استفادتهم من محو آثار العقوبات التأديبية . وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى قوة هذه المذكرات و المراسلات الوزارية إذا كانت المديريات التابعة لها لا تعمل بها ، أ ليست هذه المذكرات و المراسلات الوزارية ذاتها هي ما يعتبر تشريعا تنظيميا واجب التطبيق لا يلغيهإلا تراجع الوزارة بمذكرة أخرى على فحواه أو الطعن فيه لدى القضاء الإداري ، وهو الأمر الغير مسجل و الحالة هذه ، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول التشريعات التي اعتمدتها المديرية الإقليمية بالصويرة و التي خولت لها القفز على المذكرة0999/18 و المراسلتين الوزاريتين 2979/24 و 3610/24 و إلغاء مضامينها جملة و تفصيلا .
و بالعودة للصيغة التي كتب بها التكليف لفائدة 29 أستاذا بالتعليم الابتدائي ” قد تقرر تكليفكم بمهام التنسيق الإداري و التربوي إلى جانب مهامكم الأصلية التدريس ” دعونا نتساءل بالرجوع للتشريع التربوي أي حول قانونية الإجراء : هل من السليمالمزاوجة بين مهام إدارية و مهمة التدريس ، هل هناك مهمة داخل المنظومة أصلا تحمل مهمة التنسيق الإداري و التربوي ، هل المكلفون التسعة و العشرون التزموا بما حدده لهم التكليف و يزاوجون فعليا بين التنسيق الإداري و التربوي و مهمتهم الأصلية ، و أين يزاولون هذه الأخيرة هل في مؤسساتها الأصلية أم في مؤسسات تكليفهم ، وهل التنظيمات التربوية للمؤسسات أسندت لهم قِسما بزاولون به هذه المهمة الأصلية ، وهل راسلت المديرية الإقليمية مديري المؤسسات التعليمية الذين تسلموا التكليف بإسناد قسم للمكلفين ، أم تم تعويضهم في حالات و دمج أقسامهم في حالات أخرى . ألا تعتبر صيغة التكليف ” دريبلاج قانوني ” يستحق أكثر من وقفة و أكثر من تساؤل و أكثر من تدقيق .
و ارتباطا أيضا بموضوع التكليفات وفي إطار تدبير الخصاص تم تكليف 120 أستاذة و أستاذ من السلك الابتدائي إلى سلكي الثانوي الاعدادي و الثانوي التأهيلي في ضرب صارخ للمرسوم 2.22.69 الصادر بتاريخ 25 فبراير 2022 و المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7072 بتاريخ 10 مارس 2022 (المادة الثامنة ) والقاضيةبمنع تكليف أطر هيئة التدريس بمزاولة مهام التربية و التدريس أو أي مهام أخرى خارج سلكهم الأصلي . وهو الأمر الذي أحدث ارتباكا على مستوى التنظيمات التربوية بالمؤسسات التعليمية ، و أثقل عبء أساتذة التعليم الابتدائي الذي أسندت لهم مستويات زملائهم المكلفين ، وهو الأمر الذي يُقوضجزما الحرص على توزيع الأساتذة بشكل متكافئ على المؤسسات التعليمية ضمانا لتكافؤ الفرص بين التلاميذ و بين المجالين الحضري و القروي ، والحد من الأقسام المشتركة بإعداد أقسام مشتركة بمستوبين بأقل من 30 تلميذ و ثلاث مستويات بأقل من 15 تلميذ ، و تحديد سقف 30 تلميذا في المستويات الابتدائية و 36 في أقسامجميع مستويات الثانوي الاعدادي و الثانوي التأهيلي ، بل يضرب في الصميم .المصلحة الفضلى لتلامذة السلك الابتدائي خصوصا بالعالم القروي ( م/م تفتاشت على سبيل المثال لا الحصر) ، ولعل ما يدعو للوقوف على هذه التكليفات هو مخالفتها للمذكرة رقم 301/22 بتاريخ 19 يونيو 2022 في شأن إعداد الخريطة المدرسية، فإلى أي حد تم التقيد بما جاء في هذه المذكرة ، و إلى أي حد تم الأخذ بعين الاعتبار ما جاء في المذكرة الوزاريةرقم 056/15 بالنسبة للذين لهم جدول حصص غير تام بالعمل بمؤسسة أخرى ، و كذا المقرر الوزاري المتعلق بتدريس مواد التآخي .
إن تدبير الخصاص و التكليفات المفعلة و المشار إليها أعلاه ، تدعونا إلى مطالبة مصالح وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بفتح تحقيق في موضوع ملفات التكليفات بشكل شامل بالمديرية الإقليمية بالصويرة ، والنظر في أمر أطر هيئة التدريس الذين تم تكليفهم بمهام إدارية ، والعمل على تصحيح الاختلالات بإرجاع كافة المعنيين إلى مكانهم الطبيعي بالمؤسسات التعليمية ، تطبيقا للتشريعات التنظيمية في هذا الباب و حفاظا على المصلحة الفضلى للمتعلم ، وضمانا للحكامة الجيدة في قطاع عمومي أساسي.