في إطار الجولة الوطنية التي تنظمها الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، على مدى (30 31 يوليو 2018) وبعد اللقاء التواصلي مع الأقليات الدينية بكل من طنجة تطوان، مراكش أكادير، الناظور… تم تنظيم لقاء تواصلي مفتوح مع الأقلية المسيحية والشيعية بحضور حقوقيين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأعضاء المكتب التنفيذي للجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، تحت شعار “إدماج الأقليات في المجتمع مسؤولية حقوقية”، يوم الثلاثاء 31 يوليو 2018، بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس انطلاقا من الساعة الرابعة بعد الزوال إلى السابعة مساءا.
وحضر هذا اللقاء عدد 38 شخصا حسب لائحة الحضور، ينتمون للأقلية المسيحية والشيعية في فاس، مكناس، اموزار وصفرو وتونات، بعضهم من المغاربة المهاجرين، كما تميز هذا اللقاء بحضور مراقبين الدوليين لحقوق الإنسان، والاستماع لمعاناة هذه المكونات الدينية والمذهبية غير المعترف بها، وتقوية جسور التواصل بين هذه الفئة والحقوقيين مسؤولي المنظمات الحقوقية بالجهة.
أشغال المقابلات
“تعنيف مسيحي أدى به لشلل نصفي”
وقبل انطلق أشغال اللقاء التواصلي مع الأقليات الدينية، تواصلت الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، في إطار أشغال المقابلات، مع أشخاص ينتمون للأقليات الدينية، من بينهم سمير (اسم مستعار) البالغ من العمر 36 سنة ويعاني من شلل نصفي، اعتناق المسيحية سنة 2001 ويسكن بمدينة فاس. وتحتفظ الجمعية بجميع قنوات الاتصال به ووثائق طبية تثبت تعرضه للعنف الذي أدى لشلل نصفي.
وتبين خلال المقابلة أن هذا المواطن يعاني من خوف كبير أدى إلى قطع علاقاته مع جميع المسيحيين وأنشطتهم بصفة نهائية، بعدما كان يلتقي بمجموعات مسيحية في جميع أنحاء البلاد.
وفيما يخص قطع علاقاته ما المؤمنين بنفس ديانته قال: بعد تهديدات صادرة عن عائلتي ورجال الشرطة اخترت العزل والاختباء، والتفكير في الهجرة نحو تركيا، “اللهم التشرد والحرية ولا التشرد والاضطهاد”.
قال إن الشرطة اعتقلته سنة 2014 وقامت بتعنيفه عن طريق الصفع في وجهه وتم وضعه بسجن عين قادوس لمدة 10 أيام وذلك بتهمة النصب والاحتيال، وأطلقت السلطات سراحه بعد الحكم عليه بـ 5 سنوات موقوفة التنفيذ، إلا أنه علق على هذه التهمة قائلا: “ليست لـي علاقة بالتزوير”.
وتبين شهادته أن الأمر يتعلق بتهمة غريبة تزعم أن هذا الشخص قام بتزوير البطاقة الوطنية ؟ ونظرا لغرابة التهمة فقد قامت الشرطة بتغيير التهمة إلى “النصب والاحتيال” وعلق على هذا الأمر: التهمة الأخيرة يمكن إثباتها بأدلة مغشوشة بينما الأولى مضحكة.
وقال أيضا: لم أفهم شيئا، في بداية الاعتقال كانت التهمة هي التزوير، لكن بعد مرور بعض الوقت في مخفر الشرطة، وجه لي المحققين تهمة النصب والاحتيال وأتوا بـ 10 أشخاص يزعمون أنـي نصبت عليهم.
وقبل تاريخ هذه الوقيعة، صرح الشخص المعني بالأمر للجمعية، أنه تعرض للضرب على يـد شرطي قائلا: في تمام الساعة السابعة، من سنة 2009 بحي الليمون بالعاصمة الرباط، أوقفني شخصين كانوا على متن درجة نارية من نوع (3 ـ 100) وطلبوا مني البطاقة الوطنية، سألتهم عن هوياتهم، وقالوا أنهم من السلطة، إلا أن سؤالي هذا أغضبهم وبدؤوا بضربي على مستوى الرأس حتى فقدت وعيي. تم نقلي بعدها إلى مستشفى السويسي بالرباط، سألوني عن الذين ضربوني وأخبرتهم أنهم من السلطة، ورفض تسجيل ذلك في المحضر الطبي واكتفوا بعبارة “حالة عادية”. وقال أيضا: “نسيت بعض التفاصيل لكي أرتاح”.
وعن السبب الذي جعل محسوبين على الدولة يقومون بتعنيفه قال: كنت أنظم لقاءات للمسيحيين وصلوات جماعية في فاس، الرباط، والبيضاء وغيرهما، وكنت أشارك ديانتي مع الناس بهذه المدن، والتقيت في تلك الفترة بـحوالي 100 شخص مسيحي مغربي.
وتحتفظ الجمعية، إلى جانب ما تمت الإشارة إليه، بتقرير مفصل يحوي تفاصيل المضايقات التي تعرض المعني بالأمر طيلة 10 سنوات الماضية.
اعتقال مسيحي بمحطة القطار
في نفس السياق، بينت أشغال المقابلات أن الشرطة بمدينة فاس قامت باعتقال مواطن بمحطة القطار بسبب حمله كتاب ديني مسيحي، وذلك بتاريخ 18 يناير 2015 وتم فتح تحقيق معه، غير قانوني حسب معطيات الجمعية المغربية لحقوق الأنسان فرع فاس، ابتدءا من الساعة 1 صباحا إلى غاية 11 ليلا.
أكد المعني بهذا الخرق، أن تفاصيل التحقيق كانت حول معتقداته المسيحية، وقد تم حجز هاتفه، والشرطة قامت بترحيله بعد إطلاق سراحه من فاس عبر حافلة عمومية.
أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس، فقد أكد رئيسها أن الشرطة على مستوى ولاية الأمن، وبعض الدوائر الأمنية، أنكروا اعتقال أي شخص بسبب معتقداته، لكن تبين فيما بعد أنه كان محتجز، قبل أن يتم ترحيله لكي لا نتمكن من التواصل معه.
اعتقال وطرد قس
وفي تاريخ الجمعة 4 أبريل 2018 قامت شرطة مطار فاس سايس باعتقال قس كان قادما من بريطانيا، في ظروف غامضة، والتحقيق معه لمدة 24 ساعة وطرده من المغرب نحو بلاده الأصلي. ورفضت عناصر الشرطة الإدلاء بأي معطيات للجمعيات الحقوقية التي اتجهت إلى هناك بعد أن توصلت بشكاوى بهذا الخصوص.
توقيف موظفة بسبب “علي”
وبناء على عبارة تحيل إلى شخصية دينية، ذكرتها أستاذة بالتعليم الابتدائي بتونات القريبة من مدينة فاس، في إحدى المراسلة الإدارية، تم توقيفها من العمل وعرضها على المجلس التأديبي بدعوى الإخلال بواجب الإخلاص وروح الولاء وعدم الاحترام لسلطة الدولة، وعرض سلوك منافي للنظام والمؤسسات الدستورية، وفق وثيقة إدارية.
فيديو:
https://web.facebook.com/jawad.elhamidy.7/videos/228012844520041/
واقترحت إدارة المؤسسة التعليمية على الأكاديمية الجهوية للتعليم، عزلها بصفة نهائية، إلا أن هذه الأخيرة قررت توقيفها عن العمل لمدة شهر.
الطرد من العمل في رمضان
وقال أحد الحاضرين في اللقاء التواصلي مع الأقليات الدينية، المنظم بفاس، إن إدارة مركز للاتصال قامت بطرده من عمله بسبب شربه الماء في رمضان الأخير (2018).
وفي رمضان 2017 اشتكى مجموعة من الأباء وأمهات وأولياء التلاميذ بأستاذ إلى القضاء، بدعوى أنه يفطر رمضان بالمدرسة، وقد تم توقيفه من العمل لحدود الساعة، إلا أن القضاء حكم ببرءته مؤخرا.
محاولة انتحار
تتواجد حاليا (31 يوليو 2018) شابة تسكن بمدينة فاس بالعناية المركزة بإحدى مصحات المدينة، بعد أن ردت على تعنيفها من طرف أسرتها، بعد رفضها إقامة الصلاة الاسلامية، بمحاولة الانتحار من طول 3 طبقات. وقال أصدقائها الذين حضروا اللقاء التواصلي أنها لا تعتنق أي دين، كما لم تتمكن الجمعية من زيارتها رغم المحاولة.
أشغال اللقاء التواصلي
نظمت الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، يوم الثلاثاء 31 يوليو 2018 بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس، لقاءا تواصليا مع الأقليات الدينية بفاس بحضور فعاليات حقوقية.
الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية
بعد افتتاح اللقاء من طرف رئيس الجلسة، تدخل رئيس الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، جواد الحامدي، واستعرض مجموعة من الانتهاكات التي وقعت في المغرب ما بين سني 2017 و2018، والقائمة على أساس الدين أو المعتقد، وأكد أيضا أن أهداف الجولة الوطنية التي انطلقت منذ شهر، هو تقوية جسور التواصل بين مختلف الأقليات المغربية والفعاليات الحقوقية الوطنية والدولية، وحث المجموعات المنتمية للأقليات الدينية الحاضرة في اللقاء، من أجل لعب أدوارا حيوية وإيجابية لحماية نفسها من الانتهاكات والدفاع عن حرية المعتقد وتعزيز التواصل الهادف بين مختلف الطوائف الدينية وعقد لقاءات وتيسير التواصل المنفتح والمشاركة النشطة في المناقشات العامـة بما فيها غير الدينية ذات الصلة بالديمقراطية وحقوق الانسان.
وقـال: في ظل غلق قنوات التواصل العام مع مؤسسات الدولة ذات الصلة، وقد رفض المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية، قبل شهرين، التفاعل مع طلبتنا قصد عقد مقابلة بهدف مناقشة القضايا ذات الصلة بخروقات السلطات مست الحريات الدينية والمنتمون للأقليات الدينية. فإن أفاق التواصل الهادف والمستدام والمفتوح يجب أن يتســع بين المكونات الدينية الأقلية السلمية وأصدقائها من جمعيات وفعاليات.
وأضاف أن خلق شبكة من أصدقاء الأقليات الدينية من شأنه التصدي لمظاهر العنف ضد الأقليات وعدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان على يد وكالات حكومية وأشخاص غير مسئولين أو مسخرين من جهات حكومية أو غير حكومية.
فيديو:
https://web.facebook.com/jawad.elhamidy.7/videos/227789717875687/
الجمعية المغربية لحقوق الانسان
أما رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بفاس، فقد دعا الدولة بالوفاء بالتزاماتها إزاء الحرية الدينية والتفاعل مع النقاش الدائر حول المس بالحريات الدينية، وذلك بأجوبة معقولة من قبيل إعادة صياغة دستور ديمقراطي يضمن ممارسة الشعائر الدينية ويعترف بباقي المكونات الدينية ويحمها بالقانون وبشكل صريح.
وقال: إن مطلب إقرار حرية المعتقد مرتبط بإصلاح الدستور وإعادة صياغته إلى جانب باقي القوانين بالإضافة إلى إعادة النظر، مجددا، في مقررات التربية الإسلامية.
أما باقي المشاركين، فقد أكدوا أن غياب الحرية الدينية مرتبط أساسا بغياب حقوق الانسان والديمقراطية في المغرب بشكل عام، وهو ما يعرقل الممارسة الدينية ويضطهد الأقليات الدينية. ودعوا إلى تأسيس شبكة مغاربية علمانيون ومسيحيون من أجل الحرية، حسب مداخلتهم، وأيضا تأسيس نوادي ثقافية لمناقشة حرية المعتقد وإنضاج الأفكار في كل المدن التي تتواجد فيها الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، وأكدوا أن توصية لقاء مراكش، تنظيم وقفة احتجاجية أمام واجهة كنيسة للمطالبة بفتح كنائس ووقف الاعتقال على أساس الدين ورفع باقي المطالب، خطوة مهمة شريطة إنضاجها، وبإمكانها محاربة الخوف أوساط الأقليات الدينية والرد على التصريحات المسيئة.
في هذا السياق، طالبوا بالمزيد من الحوار والنقاش الداخلي بين مكونات الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، لإنضاج الأرضية التأسيسية للجمعية بما يمكنها من التحالف مع باقي أصدقاء الحريات الدينية.
وطالبوا الجمعية أيضا، بالاهتمام بالأقليات اللادينية أو الملحدة التي تستهدفها الكراهية بدافع الدين والرأي المخالف.