تحويل القاعات السينمائية بالمغرب إلى محلات تجارية: بين الضرورة والتساؤلات القانونية، سينما مبروكة بمراكش نموذجا

0 1٬473

على مدى العقود الأخيرة، شهد المغرب تراجعا ملحوظا في عدد القاعات السينمائية، حيث تحولت العديد منها إلى محلات تجارية. يُعزى هذا التغيير إلى انخفاض الإقبال الجماهيري على السينما نتيجة تطور وسائل الترفيه الرقمية وضعف صيانة هذه القاعات.

لكن هذا التحول يثير العديد من التساؤلات حول مدى قانونيته وتأثيره على التراث الثقافي، لا سيما في حالة القاعات السينمائية التي تحمل بعدا تراثيا وتاريخيًا، مثل سينما “مبروكة” بمراكش.

تقع سينما “مبروكة” في شارع الأمير بمدينة مراكش، بالقرب من الساحة التاريخية جامع الفنا. تعتبر هذه القاعة رمزا ثقافيا وتاريخيا بالنسبة لسكان المدينة، الذين يعتبرونها جزءا من تراثهم. ومع ذلك، تشير الصور الحديثة إلى تحويل القاعة إلى محلات تجارية، مع إضافة طابق إضافي، مما أثار جدلا واسعا حول مدى قانونية هذه التعديلات.

وأوضح وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، في تصريح سابق، أن الوزارة لا تمتلك سلطة قانونية لمنع أصحاب القاعات السينمائية من تحويلها إلى محلات تجارية، باستثناء القاعات المصنفة كتراث عالمي. هذه القاعات تخضع لقوانين صارمة تمنع أي تغيير في معالمها أو مجالها، وتمنح دعما ماديا ومعنويا من الوزارة.

لكن هذا التوضيح يطرح سؤالا هاما: هل تصنف سينما “مبروكة” بمراكش ضمن التراث الوطني أو العالمي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل حصل أصحابها على التراخيص القانونية لإجراء تلك التعديلات؟

بينما يدافع بعض أصحاب القاعات عن حقهم في استغلال ممتلكاتهم بطريقة تحقق أرباحا مادية، يرى آخرون أن تحويل القاعات السينمائية إلى محلات تجارية يفقد المدن جزءا من هويتها الثقافية. في حالة سينما “مبروكة”، يبدو أن إضافة طابق إضافي وتغيير استعمالها التجاري يتناقض مع طبيعة الموقع الذي يقع ضمن نطاق الساحة التاريخية جامع الفنا، المصنفة كتراث عالمي من قبل اليونسكو.


يتطلع سكان مراكش إلى تدخل السلطات المحلية والوزارة الوصية لحماية المعالم الثقافية التي تحمل أهمية رمزية وتاريخية. ويطالبون بإعادة النظر في القوانين التي تتيح تحويل القاعات السينمائية إلى مشاريع تجارية، مع ضرورة فرض ضوابط صارمة على القاعات المصنفة كتراث وطني أو عالمي.

إن تحويل القاعات السينمائية إلى محلات تجارية قضية معقدة تجمع بين حقوق الملكية الفردية والمسؤولية الجماعية تجاه التراث الثقافي. في حالة سينما “مبروكة”، يبقى السؤال المطروح: هل يمكن التوفيق بين الاستثمار التجاري والحفاظ على الهوية الثقافية لمدينة مراكش؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.