بأي معنى.. و لمن نكتب ؟

0 135

 المتخاذلين و عصابة من المترصدين المتشدقين و قروب المتسلطين المزعجين المتحذلقين … لا يُعلم أين يبدأ الفساد ولا أين ينتهي ، يتعاملون مع الماء والكهرباء كما لو أنهما إرث خاص، يتحكمون في تدفقهما وفق قوانين السوق السوداء، هؤلاء الهمجيين العفنين أصحاب مشية العرجل  ليسوا مجرد موظفين؛ بل حكام بأمر الله في مملكة الخدمات، هم القانون، هم الدولة، وهم من يقرر إن كانت العتمة ستزول أم أنها قدر محتوم، أمّا السمسرة و الفساد ، فهي شريعتهم المقدسة، وعقيدتهم في الحياة…!

مدير الديوان: الإله اليوناني

أما مدير الديوان، فلا تكفيه صفة الفساد التقليدي؛ بل يُصر على أن يُمارس هوايات أكثر تفرداً، كأنه أحد آلهة الأولمب المنفيين، يجمع بين المكر وممارسة طقوس السحر الأسود الأكثر شرا بأحرزة لتثقيف المنزل ! المسروق  أو لحس العقل للمسؤولين … يلتف حوله حاشية من التابعين الذين يرون فيه نبوءة الخلود، لا يكتفي بالسلطة بل يزجّ بأتباعه في طقوسٍ منحرفة، مؤكداً أن الفساد له ألوانٌ أوسع من مجرد استغلال المال العام !

رئيس البلدية: هشٌّ في مواجهة عقدة البيولوجيا

وعلى الجانب الآخر، رئيس البلدية، كائن تكسّرت أمامه معاني القوة، هشٌّ كأنه خُلق من زجاجٍ قابلٍ للكسر بأبسط نسمة، يحمل في داخله عقدةً بيولوجية تُعزّز قابليته للعبودية، يخضع لكل من يعلوه مرتبةً، وينظر إلى القوانين على أنها قيدٌ عليه التحرر منه، وجوده في السلطة ليس إلا تجسيداً لضعف النظام بأسره .

تحليل سلوكي: الكائن الفاسد ومفاهيم السلطة

السلوك الذي يحكم هذا المشهد ليس عشوائيًا؛ بل هو نتاج ثقافة متجذرة في البيروقراطية المُعطّلة ومنظومة كاملة التي تُقدّم الولاء الشخصي على الصالح العام، الكائن الفاسد هنا ليس فردًا؛ بل هو بنية عقلية تُعيد إنتاج ذاتها باستمرار .. من خلال :

1_عقلية الامتياز: كل مسؤول يرى في منصبه فرصة للهيمنة واستغلال الثروات ،هذا السلوك ينبع من شعور داخلي بأن الدولة كيان قابل للاستنزاف لا أكثر.

2_عقلية الإقصاء: لا مكان للتنافس الشريف، بل تسود سياسات الإقصاء وتصفية الحسابات، حيث يُستبدل الكفء بالمطيع، والمستحق بالتابع .

3_عقلية التواطؤ الجماعي: الفساد هنا ليس سلوكًا فرديًا؛ بل هو نظام اجتماعي، حيث الجميع شريك في الخطيئة، هذه البنية السلوكية تُفسر لماذا يصعب اقتلاع الفساد؛ لأنه مرتبط بشبكة معقدة من الولاءات والمصالح .

 

مؤسسات مغيبة وحكومة فاسدة

مع هذا المشهد، تتحول المؤسسات إلى واجهات بلا جوهر، هيكلها قائم، لكنها تفتقر إلى أي مضمون وظيفي، كل قرار يُصدر من الحكومة المركزية لا يحمل إلا بصمات الانتهازية والتدمير ، الحكومة المركزية لا تسعى للإصلاح، بل تتفنن في تعميق الجراح كما لو أنها (الحكومة)خرائب بالية تنهار بفعل الزمن .. نعم ،تتآكل ثقة المواطن في الدولة، ويزداد شعوره بالاغتراب عنها، لا شيء يُدار بالمنطق، وكل شيء يُدار بالنفوذ، المؤسسات لا تُنتج خدمات، بل تُنتج خيبات أمل !

الخاتمة التي لا تنتهي : أين الدولة؟

الدولة في الحكاية من هذا المجال الجغرافي ، هنا ليست كيانًا سياديًا إنه هيكلٌ عظميّ بلا روح، يتنقل بين أيدي الفاسدين الذين لا يُتقنون إلا فنون النهب والتدمير، بل مسرحًا تُدار فيه أدوارٌ محسوبة بدقة، السؤال عن مكان الدولة أشبه بالسؤال عن شيء لم يعد موجودًا؛ فالدولة ماتت يوم تحوّلت مؤسساتها إلى أدواتٍ للفساد، وسلطتها إلى شريكٍ في الجريمة،قد يجيب أخر أنها موجودة، لكنها تُشبه مومياء محنّطة، معروضة للزينة فقط ،القانون مات، والدولة دفنته بيدها ، وحين تسأل: أين القانون؟ يأتيك الجواب بضحكة ساخرة !

الدولة هنا ليست إلا فكرة تُذكر في الشعارات والخطابات، لكنها غائبة تمامًا عن الواقع ، و الباقي شهود على هذه الكارثة، ليسوا إلا شهود زور في جنازة وطن يُدفن يومًا بعد يوم تحت أنقاض الفساد .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.