تعيش المملكة المغربية على وقع ارتفاع حالات التسمم الغذائي، وهو ما يدق ناقوس الخطر حول خلل عميق في مختلف المستويات: المؤسساتية، التجارية، والاستهلاكية. بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أشار في تصريحات له إلى أن هذا الوضع المقلق يكشف ثغرات كبيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً وحلولاً جذرية
يرى الخراطي أن التداخل بين اختصاصات المؤسسات وضعف التنسيق بينها من أبرز أسباب تفشي ظاهرة التسمم الغذائي. فبسبب غياب رقابة موحدة ومنظمة، أصبح من السهل على أي شخص فتح محل لبيع المأكولات دون أي تكوين أو شهادة مهنية. وأشار إلى أن الجماعات المحلية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذا الصدد، حيث تمنح تراخيص دون الالتزام بمعايير الجودة والصحة، مما يفتح المجال أمام الفوضى والمحسوبية
من الناحية التجارية، أكد الخراطي أن الأسواق المغربية تعاني من فوضى عارمة وغياب منظومات واضحة لتتبع مسار المنتجات الغذائية. هذا الوضع يعقد عملية المراقبة ويزيد من احتمالية وصول مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك إلى المستهلكين. وأشار إلى ضرورة اتخاذ تدابير صارمة لتنظيم الأسواق وتعزيز دور المراقبة الميدانية لحماية الصحة العامة
على صعيد المستوى الاستهلاكي، أوضح الخراطي أن سلوكيات المستهلكين تلعب دوراً مهماً في استمرار هذه الظاهرة. البحث عن المنتجات الأرخص دون الالتفات إلى جودتها أو ظروف تخزينها يزيد من خطر التسمم. ودعا المستهلكين إلى تبني موقف صارم من خلال مقاطعة المحلات التي لا تلتزم بمعايير النظافة أو تخزين المواد الغذائية بطريقة صحيحة.
وفي إطار الحلول المقترحة، شدد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك على أهمية ربط تراخيص المطاعم ومحلات بيع الأطعمة بالتكوين المهني. ولفت إلى المفارقة بين اشتراط الحصول على شهادة مهنية لفتح صالون حلاقة وعدم اشتراط ذلك لفتح مطعم، رغم أن قطاع الأغذية يتصل بشكل مباشر بصحة الإنسان. وأكد أن غياب التكوين يؤدي إلى ممارسات خاطئة تتسبب في وقوع حالات تسمم وتكبد خسائر مالية كبيرة لأصحاب المحلات.
مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم 2030، شدد الخراطي على ضرورة إعادة النظر في منظومة المراقبة المؤسساتية، مشيراً إلى أن استمرار هذا الوضع يسيء إلى صورة المغرب كوجهة سياحية واستثمارية. وطالب المؤسسات الحكومية بتحمل مسؤولياتها كاملة وتعزيز الرقابة لضمان سلامة المنتجات الغذائية وحماية المستهلكين.
يبقى الحل في مواجهة هذا التحدي الكبير رهيناً بتكامل الجهود بين المؤسسات الحكومية، التجار، والمستهلكين. فإصلاح منظومة الرقابة وتوعية المواطنين بمخاطر المنتجات الرديئة يشكلان حجر الأساس لضمان حق الجميع في غذاء آمن وصحي.
المقال السابق
قد يعجبك ايضا