اليوم العالمي للبيئة… فرصة لإذكاء الوعي الجماعي بالتحديات التي تواجه البيئة ووقفة تأمل لجرد ما تحقق لصالح هذا المجال الحيوي
يعود اليوم العالمي للبيئة كل سنة، ليتجدد معه الالتزام بضرورة إذكاء الوعي الجماعي بالتحديات التي تجابه البيئة، وليقف المنتظم الدولي، حكومات ومنظمات ومجتمع مدني، وقفة تأمل لجرد ما تحقق وما لم يتحقق لصالح كوكب الأرض الذي بات يئن في صمت من هول مخاطر ما فتئت تتزايد.
من هذا المنطلق، أصبح الاحتفال باليوم العالمي للبيئة الذي يحتفى به بأزيد من مائة دولة عبر العالم، منصة واسعة وشاملة لتوعية الجمهور وحشد الهمم للعمل لصالح البيئة، عبر ترشيد الاستهلاك والإدارة المسؤولة لكوكب الأرض، واستهلاك الموارد التي يوفرها على نحو مستدام، وكذا اتخاذ خطوات تحول دون تصاعد إجهاد النظم الطبيعية وتفادي بلوغها نقطة الانهيار.
وتتمحور ثيمة هذا العام كما حددها برنامج الامم المتحدة للبيئة، حول محاربة الاتجار غير المشروع في الأحياء البرية، وتشجيع كل فرد على حماية الحيوانات أو النباتات المهددة بالانقراض على مستوى منطقته وعلى المستوى القومي والعالمي أيضا، وذلك تفاديا لتآكل التنوع البيولوجي الثمين في الأرض، وتقويض الاقتصادات والأنظمة البيئية الناجمين عن القتل والتهريب.
ويتطلع برنامج الامم عبر اختياره هذا، الى خلق مزيد من الوعي والتفاعل لتغيير العادات والسلوكات قصد التخفيف من حجم الدمار الذي يخلفه الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية، والدفع بالحكومات والهيئات الدولية إلى إصدار قوانين صارمة ووضع سياسات فاعلة في هذا السياق.
وفي آخر إحصائياته، دق برنامج الامم المتحدة للبيئة ناقوس الخطر بشأن جرائم الحياة البرية التي تهدد، على سبيل المثال، الفيلة المميزة ووحيد القرن والنمور والغوريلا والسلاحف البحرية، حيث سجل العام 2011 انقراض أنواع وحيد القرن الفرعية في فيتنام، وتلاشي آخر حيوانات وحيد القرن السوداء الغربية من الكاميرون، واختفاء القردة العليا من غامبيا وبوركينا فاسو وبنين والطوغو، إلى جانب اختفاء بعض الأحياء “الأقل شهرة”، كطيور أبوقرن ذو الخوذة والبنغوليات وبعض أصناف السحالب البرية والأخشاب.
وتسعى أنغولا التي تستضيف الاحتفالات هذا العام، إلى استعادة قطعان الفيلة لديها والحفاظ على الحياة البرية الثرية بالتنوع البيولوجي لإفريقيا، وإرساء نموذج لحماية النظم البيئية بالقارة الإفريقية باعتبارها واحدة من أغنى المناطق بالأحياء البرية.
ويأتي اليوم العالمي للبيئة في سياق تطبعه إرادة سياسية دولية تهدف الى التصدي للمخاطر التي تهدد البيئة، خاصة التوقيع على اتفاق باريس التاريخي في أبريل الماضي، وهو أول اتفاق أعقب المفاوضات التي جرت بمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية (كوب 21)، في باريس العام الماضي، والرامي إلى احتواء الاحتباس الحراري وخفض مساهمات الدول، المصنعة على الخصوص، في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويرتقب أن تؤسس المفاوضات التي ستجري بقمة المناخ الثانية والعشرين المرتقبة بمراكش شهر نونبر المقبل، لعهد جديد من الحكامة المناخية العالمية، ولنظام بيئي أكثر فاعلية، كما ستكون فرصة للرفع من التمويلات المخصصة للتكيف ومحاربة انبعاث الغازات، بإضافة تقدر ب 14 في المائة، تشمل دعما لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتصدي للتغيرات المناخية.
وتعتبر (كوب 22) فرصة مواتية للمغرب لربط شراكات اقتصادية جديدة وإغناء تجاربه الرائدة ومشاريعه الصديقة للبيئة، خاصة الطاقات المتجددة، ومكافحة التصحر والجفاف وترشيد الطاقة والحفاظ على مخزون المياه.
ويتوخى برنامج الأمم المتحدة للبيئة، منذ إقراره تخليد اليوم العالمي للبيئة سنة 1972، تسليط الضوء بشكل دوري على بعض الأسئلة الجوهرية المرتبطة بحماية البيئة وتأثيراتها على جودة عيش الساكنة والحياة على كوكب الارض.
وقد وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لائحة النقط السوداء التي يتعين بذل مجهود اكبر بشأنها، بشكل استعجالي، تهم على الخصوص مكافحة تدمير طبقة الأوزون ومكافحة اقتلاع الغابات والحفاظ على جودة مخزون الماء ومكافحة التصحر والجفاف.