استيقظت قطر، أمس الثلاثاء، وعلى غير عادتها في يوم إجازاتها؛ حيث تهدأ حركة الشوارع، على أجواء حماسية؛ انتقلت بالرياضة من مجرد تظاهرة تستمتع بها الأغلبية مكتفية بالفرجة على إنجازات أقلية لها اقتدار خاص على ترويض الجسد والاستمتاع بتحدي إمكاناته والتنافس على الألقاب والجوائز، إلى ملمح اجتماعي وسلوك يومي، بتصميم واضح على تجذيره ثقافيا وتحويله إلى ما يشبه فرض عين.
فرض عين ليس ب”الإجبار” وإنما بدعوة “انيقة” وذات “جاذبية” الى الاشتراك الجماعي في معانقة الفضاءات العامة والاستماع الى حوار الجسد والاستمتاع بطاقاته الإيجابية الدفينة واكتشاف نبعها الحقيقي.
كانت دعوة جماعية للتواصل عبر الفضاءات المفتوحة.. ولم يكن الدفق المطري المنعش الذي كان غزيرا خلال الصبيحة، وعلى نحو استثنائي، وظل يغازل الدوحة طيلة اليوم على نحو متقطع، ليثني من أحد، بدءا من قمة السلطة نزولا إلى مختلف أطياف المجتمع، بكل فئاته العمرية ذكورا ونساء وأطفالا، من الانخراط في مختلف الأنشطة الرياضية التي احتضنتها مختلف الملاعب الرياضية والنوادي والفضاءات الخاصة والعامة والحدائق وعلى امتداد الساحل “الكورنيش”.
الكثيرون تركوا سياراتهم، فخفت حركة المرور، وتنصلوا من رسميات اليومي وارتدوا خفافا ملابس الرياضة، فحيثما وجهت النظر داخل مرافق الرياضة والتنزه، إلا وخلتها في كليتها ملعبا كبيرا مفتوحا لم يستثن احدا من ارتياد ما يقترحه من أنشطة وبرامج، تحمل الى جانب الترفيه والمتعة الفائدة على المستويين الصحي والتواصلي.
بالفعل تحولت الدوحة الى ملعب رياضي كبير بمرافقها العمومية وقاعات نواديها واتحاداتها الرياضية التي فتحت في وجه العموم بدون تردد. وكانت الفرصة سانحة امام الجميع للتعرف على أنواع من رياضات كثيرة كانت من قبل جزءا فقط من مشاهد تلفزيونية عابرة، او فقط مسميات بدون إدراك حقيقي لطقوس وقوانين ممارستها.
وبقي الطقس، في كل ذلك، لطيفا بهبات نسائمه الرطبة المنعشة، والتي ما كانت لتعرقل أنشطة الجهد العضلي كالجري والمشي او ركوب الدراجات او أنواع من مباريات التنافس اللامحدودة، من سباحة وكرة قدم وكرة سلة وتنس وتايكوندو وعروض الدفاع عن النفس وكرة طائرة، وغيرها من مسابقات رياضية وأنشطة اختار الكثيرون ممارستها في الفضاءات المفتوحة.
وكانت القاعدة الذهبية لدى الجميع ان تحصيل الفائدة والاستمتاع لن تكون إلا بالانفلات من منطقة الاعتياد، وفك قيد الجسم من سلم حركاته اليومية العديمة العائد التحفيزي لطاقاته، وإطلاق العنان لاستكشاف إمكاناته والانتفاع بعوائدها.. انتفاعا لا يقف عند حدود الجسم، وإنما يتوغل لتطهير النفس وتحفيز الذات على ما به تجدد طاقاتها في التفاعل مع الحياة والمساهمة في صناعتها إلى جانب الاخرين.
اليوم الرياضي، الذي يتم الاحتفال به يوم الثلاثاء من الأسبوع الثاني من شهر فبراير من كل عام، يدخل هذه السنة نسخته السادسة، بعدما كان قرارا أميريا اتخذ في 2011 وتم اول احتفال به في فبراير 2012.
واستهدف القرار أن يكون هذا اليوم “يوما رياضيا للدولة وإجازة مدفوعة الأجر”، تنظم خلاله الوزارات ومختلف الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة أنشطة رياضية يشارك فيها العاملون وأسرهم، لتحقيق الوعي بأهمية الرياضة ودورها في حياة الأفراد والمجتمعات. ويتسع الاحتفاء به ليشمل أيضا هيئات قطر الدبلوماسية عبر العالم.
وبحسب الجهات الرسمية، فقد شهد اليوم الرياضي للدولة هذه السنة “151 فعالية متنوعة لأكثر من 135 جهة” من مؤسسات وشركات حكومية وخاصة ونواد رياضية ومراكز شباب ومدارس وغيرها من الجهات، موزعة على مناطق متفرقة من الدولة لضمان تفاعل ومشاركة أكبر عدد من مواطني ومقيمي دولة قطر.