تداولت العديد من المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي بيانات من النقط المحصل عليها من طرف التلاميذ في امتحانات الباكالوريا وأجرى العديد من النشطاء مقارنة بين نقط الامتحان الوطني ونقط المراقبة المستمرة، وتبينت الهوة الشاسعة بين البيانين، حيث أظهرت النتائج فرقا واضحا يعكس النفخ الكبير في نقط المراقبة المستمرة.
ومن خلال تصريحات عديدة للتلاميذ، تبين مدى تطور الغش في امتحانات الباكالوريا، حيث يستخدم التلاميذ أدوات إلكترونية متطورة، وينشرون حلول الامتحانات على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء وقت اجتياز هذه الامتحانات بصفحات اسموها “تسريبات”. والأغرب من ذلك، أن بعض التلاميذ واوليائهم يتفاخرون بهذا الفعل على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى درجة أن بعض أولياء الأمور يعتبرون الغش حقا من حقوق أبنائهم، ويطالبون الأساتذة بالتساهل ومنح أبنائهم فرصا للغش.
هذه الظاهرة تعكس تدهورا كبيرا في منظومة التعليم بالمغرب، حيث أصبح الغش والنفخ في نقط المراقبة المستمرة وسيلتين لتحقيق النجاح دون مجهود حقيقي، مما يهدد نزاهة التعليم ومستقبل التلاميذ.
تعد شهادة الباكالوريا إحدى المحطات التعليمية الأساسية في مسار الطالب المغربي، لكن للأسف الشديد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرتي النفخ في نقط المراقبة المستمرة، والغش بوسائل متطورة هذه الممارسات اصبحت تثير قلقا متزايدا بين خبراء التربية، لما لها من انعكاسات سلبية على جودة التعليم ومصداقية الشهادة.
تُعنى المراقبة المستمرة بتقييم مدى تحقيق التلاميذ للكفايات والمكتسبات الأساسية خلال مسارهم الدراسي. لكنها تحولت في بعض المؤسسات التعليمية إلى وسيلة لزيادة نسب النجاح عبر النفخ في نقط المراقبة المستمرة، دون اعتبار للمستوى الحقيقي للتلاميذ. هذا التحول يسبب اختلالا في توازن العملية التعليمية، حيث يفقد التقييم معناه الحقيقي.
يعد النفخ في نقط المراقبة المستمرة ظاهرة غير صحية تؤثر سلبا على المسار الأكاديمي للتلاميذ بعد الباكالوريا، مما يخلق انطباعا زائفا بقدرات التلميذ، الشيء الذي يؤدي إلى فشله في مسايرة التعليم العالي.
لمواجهة هذه الظاهرة، قامت وزارة التعليم العالي باتخاذ إجراءات للحد من تأثير النفخ في نقط المراقبة المستمرة. منها عدم احتساب نقط المراقبة المستمرة في الانتقاء لاجتياز مباريات الولوج إلى المعاهد والمدارس ذات الاستقطاب المحدود، حيث يعتمد الانتقاء على نقط الامتحانين الجهوي والوطني فقط. هذا التوجه يهدف إلى تعزيز مصداقية التقييمات وضمان تكافؤ الفرص بين التلاميذ.
إن النفخ في نقط المراقبة المستمرة في بعض مؤسسات التعليم الخصوصي لا يقتصر على الرغبة في رفع نسب النجاح فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى استغلال هذه النقط كأداة تسويقية لجذب التلاميذ. بعض المؤسسات التعليمية الخصوصية تحقق نسب نجاح مرتفعة تصل إلى 100%، مما يجعلها وجهة مفضلة للأسر الباحثة عن ضمان نجاح أبنائها في الباكالوريا، هذا النوع من التسويق التعليمي يعزز التباينات في جودة التعليم ويضعف الثقة في النظام التعليمي برمته.
من جهة أخرى، يشكل الغش في الامتحانات تحديا كبيرا للمنظومة التعليمية على الرغم من تدخل الإدارة في بعض الحالات، إلا أن التلاميذ يستخدمون أدوات إلكترونية متطورة للغش، هذه الأدوات أصبحت شائعة، مما يستدعي تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات حازمة لضمان نزاهة الامتحانات.
ظاهرة النفخ في نقط المراقبة المستمرة والمتاجرة بها، إلى جانب انتشار أساليب الغش، تتطلب اهتماما جديا من جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية. يجب تعزيز الوعي بمخاطر هذه الممارسات والعمل على تطوير آليات تقييم عادلة وشفافة تعكس المستوى الحقيقي للتلاميذ، لضمان جودة التعليم والحد من الهدر الجامعي بالمغرب، وإعطاء المصداقية لشهادة الباكالوريا وطنيا ودوليا.
قد يعجبك ايضا