أكد الباحث في التراث الثقافي الصحراوي والناقد إدريس نقوري أن الموروث الثقافي لجهة كلميم واد نون يحتاج للتجميع والتحقيق ولجهود علمية رصينة من أجل الإحاطة بمضامنيه وحفظ معالمه.
وأوضح الأكاديمي المغربي، في مداخلة خلال ندوة حول “الموروث الثقافي بمنطقة واد نون” نظمت امس السبت بكلميم على هامش تأسيس فرع لاتحاد كتاب المغرب بالمدينة، أنه “عمليا لا يمكن الإحاطة بالموروث الثقافي للمنطقة إلا إذا حرصنا على جمع مادته وتصنيفها وتوثيقها وتحقيقها علميا”.
واعتبر أن كل من يحاول القيام بهذا المجهود سيجد نفسه أمام موروث ثري ومتعدد المشارب، يأتي في صدارته الشعر العربي بشقيه الحساني والفصيح، والشعر الأمازيغي، والرواية الشفهية والأمثال، والتراث العمراني، والتراث الاجتماعي المرتبط بالعادات والأعراف والطقوس المختلفة لساكنة المنطقة.
وأكد الأستاذ نقوري أن غنى وأهمية هذا الموروث يتطلب تحقيقه بطريقة علمية والاستعانة بالتاريخ والأنثروبولوجيا (دراسة الإنسان) في سبر أغواره.
وفي الإطار ذاته، دعا بوزيد الغلى، الباحث في التراث والسرديات، خلال الندوة ذاتها، إلى توثيق التراث اللامادي لمنطقة كلميم واد نون خاصة الثقافة الحسانية في مختلف أبعادها.
وحث في هذا الصدد على تأثيل (تأريخ وتأصيل الألفاظ) المصطلحات الحسانية والعمل على إصدار معاجم تصونها من الزوال، من أمثلتها معاجم لمصطلحات الطبخ والموسيقى والقبائل والحركات والأصوات والأنساب والقيافة (تتبع الأثر).
من جانبه، أبرز أحمد البشير الضماني، الباحث في تاريخ وتراث الأقاليم الجنوبية، الموروث الثقافي الغني والخصب الذي امتازت به منطقة وادي نون على مر المراحل التاريخية، وكيف أنها شكلت على الدوام محطة ثقافية فاعلة في مجريات الأحداث.
وقال، في هذا الصدد، إن منطقة واد نون والصحراء المغربية عموما لم تكن مجرد أرض لعبور القوافل والمنتجات لكنها كانت أيضا منطلقا لعبور الأفكار والعادات ونشر الدين الإسلامي.
وشدد الأستاذ الضماني، من ناحية أخرى، على ضرورة اضطلاع المثقفين والباحثين والمؤرخين والنقاد بدورهم في صيانة هذا التراث الزاخر وتوثيقه عبر الأوراش والبحوث والندوات “حتى لا يكون عرضة للضياع”.
ويضع الفرع الجديد لاتحاد كتاب المغرب بكلميم في صدارة أهدافه تدوين الثقافة الحسانية والأمازيغية والاهتمام بقضايا المرأة وتأطير الفعاليات الشابة المبدعة بالجهة والعمل على تدوين المتون الشفهية الكثيرة والمتنوعة بالمنطقة، وكذا تقديم دراسات خاصة بمونوغرافيا الشعراء والفنانين ومعاجم خاصة بالأماكن والأعلام وأخرى للتراث البيئي المحلي.