المهرجان المتوسطي لكتابات المرأة يحتفي بفاطمة المرنيسي..مفكرة وأديبة بروح “شهرزاد” عصرية
شكل المهرجان المتوسطي السادس لكتابات المرأة، الذي انطلقت فعالياته صباح اليوم الخميس بالرباط، مناسبة لاستعادة سيرة الراحلة فاطمة المرنيسي، في شخصيتها المتعددة، مناضلة رائدة ومفكرة وأديبة، تحيي ذاكرة شهرزاد بوجه عصري.
واستعاد المتحدثون، في افتتاح المهرجان الذي ينظمه على مدى يومين “جمع المؤنث”، جوانب من تراث فكري وأدبي رفع لواء تفكيك الذهنية “البطريركية” والتأسيس لمجتمع المساواة وتحرير أصوات النساء المكتومة.
ونوه وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، بلقاء يتيح بسط القضايا الفكرية والسوسيولوجية التي حظيت باهتمام الراحلة فاطمة المرنيسي ويمكن الجيل الجديد من التعرف على قامة فكرية ذات صيت عالمي تمثل القيم الإنسانية التي ناضلت من أجلها.
واستحضر الوزير، من خلال الراحلة، أكاديمية فذة وشخصية ملتزمة بالمهمة التنويرية للمثقف من خلال بحوث جادة في السوسيولوجيا ومساهماتها في فنون الأدب والفكر. ورأى في الإصلاحات المؤسساتية التي انخرط فيها المغرب والتكريس الدستوري للمساواة والمصادقة على الآليات الدولية لحقوق الانسان، وتشجيع ولوج النساء لمراكز القرار السياسي، ملامح من الصورة التي سعت إليها فاطمة المرنيسي عن مغرب المساواة والديموقراطية.
ومن جهتها، اعتبرت وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن فاطمة المرنيسي أعطت الكلمة للنساء المنزوعات الأصوات، واحتفت بجمال المرأة وذكائها وصمودها وانشغلت بتفكيك أوهام الغرب عن المرأة العربية.
وتناولت الوزيرة أيضا اهتمام الراحلة بتثمين الصناعة التقليدية والتعريف بإبداعيتها، من منطلق تقديرها لفنون صناعة الحلي والقفطان ومختلف فنون الحرف اليدوية العريقة التي كانت سفيرة لها عبر العالم.
وفي شهادة عن الفقيدة، قال سفير المكسيك بالرباط، أندريس أوردونيس إن المرنيسي مكنته من اكتشاف العوالم الثرية للمغرب والحضارة العربية الاسلامية، في تنوع روافدها، كما فتحت له سبل تبديد الأوهام المحيطة بهذا العالم في الغرب.
“لقد منحتني فاطمة عناصر لفهم حضور التراث الأندلسي في الثقافة المكسيكية، من خلال الفنون الشعبية والطبخ وأنماط التفكير أيضا”، يقول السفير المكسيكي الذي أعلن عن مشروع لإقامة كرسي لحقوق الانسان والمساواة يحمل إسم فاطمة المرنيسي برحاب الجامعة المستقلة لمكسيكو.
ومن جانبه، قدم الشاعر والإعلامي، ياسين عدنان، قراءة في سيرة متفردة جمعت بين النفس النضالي والالتزام الأكاديمي، وبين العمق الفكري والغواية الأدبية، واصفا الراحلة ب “شهرزاد عصرية وديمقراطية”.
ومن خلال استعادة محطات فكرية هامة في مسيرتها، لاحظ ياسين عدنان أن الراحلة دعت الى تحرير الصوت واللغة عبر الكتابة، وطورت لغة خاصة قريبة من الجمهور متفادية لعنة السقوط في عزلة الأكاديمي عن محيطه.
وأضاف أن الروح الأدبية التي وسمت كتاباتها وفتنة الحكاية لديها كانت تزعج بعض الأكاديميين ومريدي المناهج الجامدة، في حين كان ذلك مكمن تفردها كشخصية عصية على التصنيف تجمع الفكر بالأدب والبحث الأكاديمي بالتخييل.
ويتناول المهرجان المتوسطي لكتابات المرأة إرث الراحلة من خلال مجموعة من المحاور من بينها “السوسيولوجيا ودعاماتها في الأبحاث الميدانية بوصفها مدخلا للحرية”، “مسيرة فاطمة المرنيسي ضد عوالم الممنوع”، “المواضيع الرئيسية في كتابات فاطمة المرنيسي”، “اختلاف المقاربات وتنوع الفئات المستهدفة، اختيار أم تشتت ؟” ثم “ورشات الكتابة والقوافل المدنية، هل هي مشاتل لأقلام جديدة تهيئة للخلف؟”.