قال وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، السيد عبد القادر اعمارة، إن المغرب يولي أهمية كبرى لتطوير الشراكات مع البلدان الإفريقية، وذلك في سياق تعاون مدعم ومستدام.
وأوضح السيد اعمارة، في مداخلة له خلال أشغال الدورة الرابعة لمؤتمر “الهند – إفريقيا” حول الهيدرو-كاربورات، التي افتتحت صباح اليوم الخميس بنيودلهي، أن المغرب يعمل، انسجاما مع رؤيته الإفريقية المتجذرة، على تعزيز أوجه التعاون مع تلك البلدان، لمواجهة التحديات التي تواجهها القارة السمراء.
وأضاف أن هذه الرؤية المغربية أملتها المصالح والمنافع المشتركة، في إطار روح من الأخوة والتضامن الفعال، مؤكدا أن علاقات التعاون التي تربط المملكة، على الخصوص، مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، تشكل نموذجا حقيقيا للتعاون جنوب – جنوب، كما أنها تشمل، بالإضافة إلى تبادل الخبرات وتكوين الأطر والتقنيين، إرساء شراكات لتنفيذ مشاريع تنموية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في قطاعي الطاقة والمناجم.
وفي هذا الإطار، أبرز الوزير أن الزيارات الأخيرة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى إفريقيا، خلال عامي 2014 و2015، رفعت عدد الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع البلدان الإفريقية الشقيقة إلى أكثر من 550 اتفاقية همت عدة مجالات، من بينها الطاقة والمعادن وإنتاج الكهرباء.
وفي السياق ذاته، أكد السيد اعمارة أن المغرب يولي، بنفس روح التعاون جنوب – جنوب، أهمية كبرى للتعاون بين إفريقيا والهند، البلد ذو التقاليد العريقة والبعد القاري، معتبرا أن هذا التعاون يمكن أن يكون مفيدا لكلا الطرفين، بالنظر للتحديات التي تواجهها الهند في ما يخص تأمين الإمدادات من الطاقة وولوج المواطنين إلى الطاقة وفي مجال البيئة، هي نفسها التحديات التي تعترض القارة الإفريقية.
ومن هذا المنطلق، شدد الوزير على أنه ينبغي اتخاذ المبادرة لضمان استفادة مواطني الجانبين من الخدمات الأساسية وفرص الشغل واقتصاديات دينامية، مشيرا إلى أنه في إطار هذه الرؤية، نظمت قمة منتدى الهند – إفريقيا 2015، على مستوى الرؤساء وكذا المؤتمر الحالي حول الهيدرو-كاربورات.
على صعيد آخر، استعرض السيد اعمارة الخطوط العريضة للاستراتيجية المغربية في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن المغرب يعتمد على الواردات من الطاقة من أجل تلبية احتياجاته، والتي بلغت نسبة 98 بالمائة خلال سنة 2009.
وبالنظر للدينامية التي يشهدها الاقتصاد المغربي، يضيف الوزير، فإن الطلب على الطاقة الأولية ارتفع بمعدل يناهز 5 بالمائة على مدى السنوات العشر الماضية، مشيرا إلى أن ارتفاع الطلب يرجع، بالأساس، إلى زيادة استهلاك الكهرباء بنسبة 6.5 بالمائة سنويا بسبب مشاريع كهربة العالم القروي واسعة النطاق، والتي بلغت حاليا نسبة 99.13 بالمائة، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه نسبة 18 بالمائة سنة 1996.
وفي هذا السياق، أكد السيد اعمارة أن المغرب أعد استراتيجية طموحة في قطاع الطاقة تروم، بالأساس، تعبئة الموارد الطاقية المحلية عبر تثمين مؤهلات الطاقة المتجددة، وتكثيف عمليات التنقيب عن النفط والغاز، واستخدام الغاز الطبيعي المسال كمصدر آخر للطاقة.
وفي ما يتعلق بالطاقات المتجددة، أبرز الوزير الدعم القوي الذي قدمه جلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي خلال الدورة ال21 لمؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 21)، التي نظمت مؤخرا في باريس، حينما أعلن جلالته التزام المغرب برفع حصة الطاقات المتجددة من 42 بالمائة من القوة الكهربائية، وهو الهدف المحدد بالنسبة لسنة 2020، إلى 52 بالمائة سنة 2030.
وللوصول إلى هذا الهدف، يضيف الوزير، فإن المملكة المغربية ينبغي أن تتوفر، خلال الفترة ما بين سنتي 2016 و2030، على قدرة إضافية لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة لأكثر من 10 آلاف ميغاوات موزعة على 4500 ميغاواط للطاقة الشمسية، و4200 لطاقة الرياح و1300 ميغاواط للطاقة الكهرمائية.
وأشار إلى أن هذا المشروع الضخم تم إطلاقه من محطة الطاقة الشمسية “نور 1” بمدينة ورزازات، التي انطلق العمل بها مؤخرا بقدرة تبلغ 160 ميغاوات، وتخزين لمدة ثلاث ساعات وبتقنية الألواح الزجاجية العاكسة والمقوسة، مضيفا أن المغرب عمل على إنتاج قدرة طاقية بقوة 790 ميغاوات وأخرى بقوة 1000 ميغاوات هي قيد التطوير.
وفي ما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز، أكد السيد اعمارة أن الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط بالمغرب تضاعفت بين عامي 2013 و2014، حيث انتقلت من 265 مليون دولار عام 2013 إلى 830 مليون دولار عام 2014، ما يعكس الجاذبية التي تتميز بها المملكة لدى الشركات النفطية العالمية.
وأشار الوزير إلى أن المغرب يتوفر على أحواض رسوبية مماثلة لمناطق الإنتاج البرية والبحرية في شمال إفريقيا، وفي غربها وكذا في خليج المكسيك، مضيفا أنه على الرغم من تواضع الاكتشافات من النفط والغاز في بعض الأحواض بالمغرب، فإنها لا تزال غير مستكشفة بما فيه الكفاية، إذ من أصل 900 ألف كيلومتر الأحواض الرسوبية التي يتوفر عليها المغرب، فإن المساحة التي يتم التنقيب فيها لا تتجاوز حتى الآن 400 ألف كيلومتر و313 من الآبار الاستكشافية.
غير أن السيد اعمارة أعرب، بالمقابل، عن ارتياحه للاهتمام الذي أبدته أزيد من ثلاثين شركة نفطية عالمية، من أبرزها “شيفرون” و”طوطال” و”ريبسول” و”كوزموس” وغيرها، من أجل استكشاف الأحواض الرسوبية المغربية.
وفي هذا الصدد، أكد الوزير أنه على الرغم من عدم بروز اكتشاف مهم للنفط أو الغاز في المغرب حتى الآن، فإن المملكة لا تزال ملتزمة في هذا المجال من خلال التحسين المستمر لجاذبيتها، بهدف تعبئة مزيد من الشركات العالمية، وذلك بفضل عدة عوامل، من أهمها الإصلاحات التي قامت بها المملكة من أجل تحديث قطاع الطاقة، والانفتاح التدريجي على الأسواق، وقرار الحكومة تأسيس وكالة للتنظيم المستقل، والذي من شأنه منح شفافية أكبر للقطاع الخاص.
كما تتمثل هذه الإصلاحات، يضيف الوزير، في تعزيز البنية التحتية للاستكشافات الجيولوجية والجيو-فيزيائية للأحواض الرسوبية المغربية، وجاذبية قانون النفط والغاز الذي يمنح حصة 75 بالمائة لشركات النفط من أجل القيام بالاستكشاف مع إعفاءات من الضرائب والرسوم الجمركية، وتعزيز الملكية المشتركة في جميع مراحل عملية البحث والتنقيب لمنح المستثمرين مرونة في ما يخص تقاسم المخاطر في المناطق المحفوفة بالمخاطر.
وفي ما يتعلق بالغاز الطبيعي، أبرز السيد اعمارة أن المغرب عمل على إدخاله ضمن النظام الطاقي من خلال مد مركزين في شرق وشمال المغرب عبر خط أنابيب الغاز المغرب العربي – أوروبا، الذي ينطلق من الجزائر نحو إسبانيا.
وأوضح أنه سيتم تعزيز هذا الإجراء عن طريق استيراد الغاز الطبيعي في شكل مسال، حيث أطلق المغرب عملية لتطوير البنيات التحتية الأساسية لاستخدام الغاز الطبيعي المسال، التي بإمكانها الاستجابة للطلب الوطني بشأن الغاز الطبيعي في حدود 5 مليارات متر مكعب المتوقعة في أفق سنة 2020.
يذكر أن المؤتمر الرابع “الهند – إفريقيا” حول الهيدروكاربورات نظم للمرة الأولى في سنة 2007 بهدف تعزيز العلاقات التجارية الثنائية في قطاعي النفط والغاز الطبيعي، وتبادل وجهات النظر بشأن السياسات والإطارات التنظيمية، وتوفير فرص أكبر لشراكات استراتيجية بين الجانبين.