كتبت صحيفة (الأيام) الفلسطينية، أن ثمة نهضة كبيرة دبت في الحياة المغربية على مدى يزيد على خمسة عشر سنة، وبدأت نتائجها الأولية تظهر قوية في المشهد المغربي في كل المجالات والأوجه.
وذكرت اليومية الفلسطينية، في مقال للكاتب الصحفي، عبد المجيد سويلم، نشرته في عددها اليوم الخميس، بعنوان “ما الذي يقف وراء نهضة المغرب الجديدة؟”، أن هذه النهضة الجديدة، بدأت بذورها مع السنوات الأولى في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أبدى رغبة قوية للنهوض والاستنهاض الوطني بعزيمة لا تعرف التردد وبإرادة الإقدام على مواجهة التحديات.
وأبرز كاتب المقال، في هذا الصدد، تميز التجربة المغربية ونجاحها في تأمين أعلى درجة من الاستقرار السياسي، معتبرا المغرب البلد الوحيد الذي اختار الشراكة الوطنية بين مختلف المكونات السياسية، عن طواعية وبوعي وإيمان راسخ بالأهمية الإستراتيجية لهذا النهج.
وأكد أن الإرادة الوطنية الحرة والمستقلة هي التي أوصلت المكونات السياسية في المغرب إلى أهمية هذه الشراكة، خصوصا وأن العالم العربي والإسلامي تعرض لهزات عنيفة في ضوء دخوله في مرحلة ما يسمى بـ “الربيع العربي”.
وأوضح، في هذا السياق، أن المغرب استطاع أن يجتاز هذا الامتحان (الربيع العربي) بدرجة من التفوق والامتياز، وذلك بترسيخ الشراكة الوطنية التي لا تلغي الآخر وتترك له الهوامش الوطنية والديمقراطية الكافية للحفاظ على نهجه المستقل من جهة، والحفاظ على مركزية ومحورية الشراكة الوطنية من جهة أ خرى، مضيفا أن الحالة المغربية “هي الحالة العربية الوحيدة التي لا تجد أطراف الشراكة فيها قيدا على الاستقلالية ولا تجد في الاستقلالية قيدا على الشراكة”.
وأضاف أن نجاح هذه التجربة بالذات، يعتبر بكل المقاييس النموذج الأول لتحمل واقتسام الأعباء والمسؤوليات بدلا من نظام اقتسام الحصص والمنافع والامتيازات.
وعلى صعيد آخر، استعرض كاتب المقال أبرز المشاريع الوطنية الكبرى الاستراتيجية التي يشهدها المغرب، والمبادرات الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية التي تدعم نجاح هذه المشاريع وترفع مستوى حياة المواطنين المغاربة.
وأكد، في هذا الإطار، أن المغرب، نجح في إبرام عهد جديد وعقد جديد للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، حيث أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس شخصيا على الالتزامات المتبادلة بين القطاعين لهذه الشراكة الإستراتيجية المستدامة، مشيرا إلى أن الدولة المغربية أقرت عقدا اقتصاديا تحولت بموجبه هذه الشراكة إلى سياسة وطنية ثابتة ومفتاحية بمفهوم التنمية الوطنية.
وأبرز أنه تم، في هذا الإطار، إطلاق مبادرات وطنية كبرى، مثل مخطط المغرب الأخضر، والإقلاع الصناعي، ومشاريع تنموية في المنطقة الشمالية، وكذا في الصحراء، إضافة إلى الاشتراك الواسع والشراكة الشاملة ما بين الجذب الاستثماري الخارجي والرأسمال الوطني، والمساهمة الفاعلة من الدولة، إلى جانب عشرات الصناديق ذات الطابع التعاوني والإنمائي المتوسط والصغير.
وأشار أيضا إلى التقدم الهائل في مشاريع التنمية الزراعية، والخطط والبرامج التي تم وضعها في مجال الإقلاع الصناعي، خاصة منها الصناعات العالمية مثل صناعات السيارات والبترو- كيميائية، والدواء، والصناعات التكنولوجية، وكذلك الصناعات التكميلية والغذائية في مختلف المجالات.
وأضاف، من جهة أخرى، أن المغرب، يعيش أوراشا وطنية عملاقة لتحويل البنيات التحتية، من طرق وسكك حديدية ومطارات وموانئ، إلى منطلق للمنافسة الدولية، مشيرا إلى القطار الفائق السرعة الذي يربط شمال المغرب بوسطه، والمشروع الأورو- متوسطي الذي ساهم في تنمية الشمال، والميناء المتوسطي الذي تحول إلى مركز خدمي كبير.
وتطرق أيضا إلى الموارد المالية الضخمة التي رصدت لتنمية منطقة الصحراء المغربية، والتي فاقت في السنوات الأخيرة 14 مليار درهم، إضافة إلى أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، ومشاريع أخرى عملاقة يجري الإعداد لإطلاقها على مستوى النقل البحري وفي المجال السياحي.
وبخصوص مجال الإصلاح الديني، فقد اعتبره كاتب المقال بالنموذجي بكل المقاييس، وقال إن في المغرب ثورة ضد التطرف والتزمت والتشدد، والتوجه بكل عزم وإرادة نحو قيم التسامح والوسطية والإخاء والابتعاد عن استخدام وتوظيف الدين في الصراعات السياسية والنأي به عن الصراع الإيديولوجي، مضيفا أنه في المغرب يعاد النظر في الخطاب الديني بما يحمي النسيج الوطني، ويعزز ثقافة التنوع والاختلاف والحق في الاختلاف على قاعدة دستورية وديمقراطية متسامحة.
وأضاف أن المغرب تحول اليوم إلى نموذج يعول عليه في البعثات الدعوية لكل أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا وإفريقيا، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه في الآونة الأخيرة شكلت “رابطة العلماء الأفارقة” قاعدة وأساس قوة هذا النموذج.
وأبرز، من جانب آخر، دلالات الاحتفال بذكرى عيد العرش المجيد (30 يوليوز)، مشيرا إلى “أن أهل المغرب اعتاد الاحتفال بهذه الأعياد على المستويات الرسمية والوطنية والشعبية، في شيء فريد في الواقع العربي وهو حب المغاربة لملوكهم والاحتفاء الحقيقي بهم”.