المغرب وروسيا: علاقات تجارية واقتصادية في تطور مستمر
سجلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة المغربية وروسيا الاتحادية على امتداد السنوات الأخيرة تطورا هاما سواء على مستوى المبادلات، أو من حيث تنوع اللقاءات بشكل متواصل ومكثف وهو ما يعكس إرادة البلدين في تقوية وتوسيع الشراكة الاستراتيجية القائمة بينهما للعديد من المشاريع الواعدة.
وشكلت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، الموقعة سنة 2002، بين البلدين بمناسبة زيارة جلالة الملك محمد السادس لموسكو، منعطفا مهما في العلاقات بين البلدين، مكنت من تعبيد الطريق، سنة بعد ذلك، أمام تطور واضح للتعاون الاقتصادي والتجاري.
وفي هذا السياق وخدمة للتقارب الاستراتيجي بين المملكة المغربية وروسيا الاتحادية، تم اعتماد سلسلة من المبادرات في قطاعات الفلاحة والتصدير والسياحة.
فروسيا أضحت اليوم تمثل بالنسبة للمملكة أحد أهم الشركاء في المجال التجاري، إذ يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين مليارين و500 مليون دولار سنويا.
وتعد روسيا حاليا الزبون الأول للحوامض المغربية، حيث تستحوذ على 60 في المائة من حجم الصادرات، كما توفر السوق الروسية، التي تضم 140 مليون مستهلك، مؤهلات كبيرة تتيح للمصدرين المغاربة فرصا حقيقية لتسويق منتجاتهم.
وتتشكل صادرات المغرب، التي تعتزم المملكة مضاعفتها إلى ثلاث مرات بحلول 2018، لروسيا بالخصوص من الحوامض ودقيق وزيت السمك، في حين تتشكل الواردات من روسيا في معظمها من زيت النفط الخام والحديد والكبريت.
وتمثل الصادرات من المواد الغذائية حوالي 92 في المائة من القيمة الإجمالية للصادرات المغربية لروسيا، بينما تشكل المحروقات 67 في المائة من الواردات المغربية من روسيا.
ويرى المتتبعون للشأن الاقتصادي أنه على الرغم من نمو التدفقات التجارية بين البلدين بالنظر إلى المؤهلات التي يتوفر عليها “يجب على الطرفين بذل المزيد من الجهود لتعزيز وتنويع التبادل التجاري”.
فالعلاقات المغربية الروسية على مستوى المبادلات التجارية مرشحة لتحقيق قفزة نوعية، إذا وقع التعريف على نطاق واسع داخل الأسواق الروسية الواعدة بالمنتجات المغربية، من خلال العمل على تجاوز التعاون التقليدي، الذي كان ينحصر على الصيد البحري والمعاملات التجارية، والمرور نحو أوراش كبرى، تهم البحث العلمي والتقني، ومجالات الهندسة المدنية، والطاقة، وتكنولوجيات الاتصالات وغيرها. وعلاوة على ذلك سجل المغرب في الفترة الأخيرة انفتاحه على السوق الروسية خاصة بعد افتتاح خط الشحن البحري أكادير، سان بيترسبرغ، حيث لم تعد بالنسبة للمصدرين مسألة النقل تشكل عائقا .
كما أن المملكة توجد في موقع جغرافي استراتيجي متميز يعتبر نقطة وصل أساسية بين أوروبا وإفريقيا، الشيء الذي يجعل من المغرب شريكا بالنسبة للمستثمرين الروس الراغبين في الولوج للقارة الإفريقية.
وبخصوص القطاع السياحي، يراهن المغرب على السوق السياحية الروسية الصاعدة التي أصبحت تكتسي في السنوات الأخيرة اهتماما خاصا من طرف الفاعلين في المجال، حيث اشتدت المنافسة على هذه السوق بين البلدان المستقطبة للسياح من أجل تعويض تراجع التدفقات السياحية من الأسواق التقليدية خصوصا من بلدان الاتحاد الأوروبي المتضررة من الأزمة العالمية .
ويعمل المغرب جاهدا لكسب هذا الرهان، لضمان السوق الروسية من خلال حضوره البارز والمستمر في جل اللقاءات والمحافل والتظاهرات السياحية التي تنظم في مختلف المدن الروسية وبلدان رابطة الدول المستقلة، من أجل الترويج للوجهة السياحية المغربية، وذلك من خلال التعريف بالمستوى المتطور الذي حققته المملكة على جميع المستويات السياحية والثقافية والاقتصادية .
وما حضور السياحة المغربية في السوق الروسية، من خلال الفاعلين والمهنيين السياحيين في المعارض الدولية للسياحة الذي تحتضنها العاصمة الروسية موسكو إلا دليل على هذا الاهتمام ، والواقع أنه بامكان المملكة إذا ما توفرت الشروط الموضوعية أن تحقق أرقاما قياسية في توافد السياح الروس على المغرب خلال السنوات القادمة وذلك شريطة توسيع وتعميم الحملات التواصلية والوصلات الاشهارية لتشمل ربوع روسيا الفدرالية و باقي دول رابطة الدول المستقلة.
فالسوق السياحية الروسية تشكل أولوية بالنسبة للمكتب الوطني المغربي للسياحة، بالنظر لكون العرض الذي تقترحه وجهة المغرب السياحية يلبي انتظارات المستهلك الروسي .
وقد أبرم المكتب الوطني المغربي للسياحة بروسيا خلال هذه السنة، مجموعة من الاتفاقيات مع وكالات الأسفار والسياحة الروسية لانعاش وجهة المغرب السياحية .
وفي هذا الصدد تكاثفت جهود المكتب الوطني المغربي للسياحة والخطوط الملكية المغربية حيث عملا على برمجة رحلات جوية مباشرة بين موسكو والدار البيضاء وأكادير وفي مرحلة ثانية ستكون هناك رحلات جوية مباشرة ستربط بين موسكو وسانبترسبورغ وأكادير ومراكش .