تضطلع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بدور مهم في المساهمة في توفير الضمانات القانونية التي تكفل حقوق الإنسان الدولية، وتشكل أرضية صلبة لمجتمع مدني نابض بالحياة، بما يجعل هذه المؤسسات بمثابة جسور بين أصحاب الحقوق والدولة والمجتمع المدني.
ويتجلى دور هذه المؤسسات في دعم المدافعين عن حقوق الإنسان، وبناء الشراكات مع مختلف الجهات الفاعلة والمؤسسات ذات الصلة، والعمل بشكل وثيق مع المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والشركات، للدفاع عن مشاركة المجتمع المدني في عمليات صنع القرار، وبالتالي ضمان سماع صوت الأشخاص، وتحسين القرارات وإبطال مصادر النزاع المحتملة.
كما يرتكز عملها على إسداء النصح للدولة حول دمج القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في التشريعات والسياسات الوطنية، والإشارة إلى كون تشريع ما أو مشروع قانون، لا يتماشى مع حقوق الإنسان الدولية، وكذا التشجيع على إعداد وتنفيذ القوانين والسياسات التي تحمي الفضاء المدني وتعزز بيئة آمنة ومستقرة.
من جهة أخرى، تضطلع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أيضا بمهمة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، من خلال التثقيف وزيادة الوعي في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي يمكنها تعزيز خطاب إيجابي عن حقوق الإنسان وتعزيز بيئة مواتية.
وبفضل موقعها الفريد في المنظومة الوطنية لحقوق الإنسان، يمكن لهذه المؤسسات أن ترصد بشكل مستقل وموثوق وضع حقوق الإنسان على المستوى الوطني، لاسيما أثناء المظاهرات أو الانتخابات أو على الإنترنت، وأن تقدم التقارير إلى المؤسسات الوطنية مثل البرلمان، والآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، أبرز المقرر الخاص المعني بحرية التجمع وتكوين الجمعيات أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، الممتثلة للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها (مبادئ باريس)، تضطلع بدور مهم في تلقي الادعاءات المتصلة بانتهاك حقوق الإنسان والاعتداء عليها والتحقيق في هذه الادعاءات، مشيرا إلى ضرورة احترام السلطات لعمل هذه المؤسسات وتيسيره.
من جانبها أشارت المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان أن المؤسسات الوطنية القوية هي واحدة من العناصر الأساسية التي توفر بيئة آمنة ومواتية للمدافعين عن حقوق الإنسان، لافتة إلى ضرورة استخدام المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لمجموعة واسعة من التدابير والأعمال، بهدف تطوير آليات رسمية للشكاوى وضمان إجراء تحقيقات فورية ومستقلة في جميع الانتهاكات ضد المدافعين.
وعند تأسيسها وعملها بفعالية وبشكل مستقل وفقا لمبادئ باريس، يتم الاعتراف بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كمدافع عن حقوق الإنسان من قبل الأمم المتحدة، كما أن وجود مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان ممتثلة لمبادئ باريس يعد مؤشرا لقياس تقدم الدول في اتجاه تحقيق هدف التنمية المستدامة رقم 16 المتعلق بالمجتمعات السلمية والشاملة.
وباعتبارها هيئات مستقلة تم إنشاؤها امتثالا لمبادئ باريس وتضطلع بولاية واسعة لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، فإن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان مطالبة بالعمل من أجل دعم الإطار الهيكلي لاحترام حقوق الإنسان في بلدانها، ومراقبة وجود فضاء مدني يمكن فيه مناقشة قضايا حقوق الإنسان بشكل قوي وبمراقبة حرية العمل لجميع المدافعين عن حقوق الإنسان
وتجدر الإشارة، إلى مدينة مراكش تحتضن ابتداء من يوم غد الأربعاء، فعاليات المؤتمر الدولي الثالث عشر للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حول موضوع “توسيع الفضاء المدني وتعزيز المدافعين عن حقوق الإنسان وحمايتهم، مع التركيز على المرأة: دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان”.