الكثيري: أحداث يناير 1944 محطة مفصلية في الكفاح من أجل الاستقلال
قال مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إن تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال والأحداث التي أعقبتها طيلة شهر يناير من 1944 تشكل منعطفا نوعيا في مسيرة الكفاح من أجل الاستقلال.
وأبرز الكثيري أمس الجمعة بفاس، في لقاء نظم بمناسبة تخليد الذكرى ال 76 لانتفاضة 31 يناير 1944، أن تخليد هذا الحدث الوطني البارز الذي اندلع تأييدا لمضامين وثيقة المطالبة بالاستقلال وتنديدا برد الفعل الاستعماري الذي استهدف رجال الحركة الوطنية وعموم الشعب المغربي المؤيد للعريضة والمناهض لسياسة الحماية، مناسبة للوقوف على العلاقة القوية التي تربط الشعب المغربي بذاكرته وتاريخه المجيد من خلال ما راكمه من ملاحم وبطولات وأحداث واستنباط الدروس والعبر التي تنطوي عليها، وهو الورش الذي تشتغل عليه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير منذ عقدين من الزمن.
وذكر بأن تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 وما أعقبه من أحداث، شكل بداية مرحلة جديدة في مسلسل الكفاح الوطني ضد الوجود الأجنبي ونقلة نوعية في معركة التحرير والاستقلال، موضحا أن عوامل خارجية عدة ساهمت في الدفع بالعمل الوطني إلى تجاوز مرحلة المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، ومنها على الخصوص اندلاع الحرب العالمية الثانية، وما ترتب عنها من أحداث كان أهمها سقوط فرنسا في يد القوات النازية، وكذا نزول القوات الأمريكية بالشواطئ المغربية، وإصدار ميثاق الأطلسي الذي أكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وانعقاد مؤتمر آنفا بمدينة الدار البيضاء في 13 يناير 1943، وحصول بعض الدول العربية على استقلالها.
وقال إن الاحتفالية وقفة تأمل وتدبر لاستحضار السياق التاريخي لهذا الحدث الوطني الكبير الذي كان ثمرة الالتزام بالميثاق التاريخي بين العرش والشعب وطلائع الحركة الوطنية والانتصار لقضايا الوطن ومصالحه العليا وطموحاته لانتزاع حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والوحدة الوطنية.
واستعاد الكثيري سياقات حدث تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال والأحداث التي أعقبته، مشيرا الى ان السلطات الاستعمارية لم تتقبل المطالبة السلمية بالاصلاحات فصعدت عدوانها. وردا على التصعيد الاستعماري اندلعت المظاهرات في الرباط وسلا، ثم انتقلت إلى فاس التي شهدت أياما عصيبة طيلة أسبوعين انطلاقا من تاريخ 29 يناير 1944م، حيث عانت العاصمة العلمية من كل أشكال التنكيل والإرهاب.
وسجل أن أعضاء الحركة الوطنية بفاس وأعضاء حزبي الاستقلال والحركة القومية تحركوا في وقفة احتجاجية عارمة شلت الوضع بالمدينة، وسجلوا ملحمة تاريخية في مواجهة السلطات الاستعمارية،” فكان ذلك أول شرارة في معركة دامت خمسة عشر يوما”، بينما عرف يوم 31 يناير سقوط العديد من الشهداء واعتقال جمع من المناضلين.
ودعا الى استلهام ما تختزنه الذكرى من المبادئ والمثل العليا وقيم النضال ومكارم الأخلاق التي تحلى بها جيل الماهدين للعمل الوطني وأبطال المقاومة وجيش التحرير لإشاعة ونشر أقباسها وأنوارها في نفوس الشباب وأجيال اليوم والغد لإذكاء الهمم والعزائم لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل وإنجاز المشروع المجتمعي الحداثي والديموقراطي والنهضوي وتأهيل المواطن المغربي لمواجهة تحديات العصر وكسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية.
وتميز اللقاء بتقديم عروض حول محطات من تاريخ الكفاح الوطني من أجل الاستقلال منها قراءة في مسلسل تبلور النضال الوطني من 1912 الى 1944 والحماية الفرنسية في الكتابات الالمانية والمقاومة الفاسية في الكتابات الكولونيالية.
كما عرف هذا اللقاء تكريما رفيعا لنخبة من قدماء المقاومين نظير الخدمات التي قدموها للوطن وتوزيع مساعدات مالية على بعض أفراد أسرة المقاومة.