أكد وزير العدل السيد محمد أوجار ، اليوم الاثنين بمراكش، على ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل مواجهة كل التحديات التي تجابه العدالة في أبعادها المحلية والإقليمية والدولية.
وقال في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة ال 61 للمؤتمر الدولي للقضاة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن المؤسسات القضائية بمختلف الدول مطالبة على الدوام بالانفتاح على بعضها والتواصل فيما بينها وتكثيف الجهود وتوحيدها من أجل مواجهة كل التحديات التي تجابه العدالة في أبعادها المحلية والإقليمية والدولية.
وأعرب السيد أوجار عن التطلع خلال هذا المؤتمر، إلى الانفتاح على تجارب أكبر عدد ممكن من الدول، “لإغناء ما تراكم لدينا من تجربة مقارنة بتجارب الدول الشقيقة والصديقة التي سيقدم ممثلو وفودها أو المتدخلين باسمها، نماذج فريدة ستمكن المؤتمرين من استخلاص المستنتجات اللازمة التي نطمح إلى جعلها مرجعا يقاس عليه في إطار الممارسات الفضلى”.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر ، الذي يعرف حضورا وازنا لأهرامات قانونية وقضائية شامخة وقامات فكرية وثقافية سامقة، يشكل فرصة سانحة لتبادل الخبرات وتقاسم التجارب، وتداول الأفكار والرؤى والتصورات التي تزداد اغتناء باختلاف الأنظمة القضائية، وتعدد الأنساق الثقافية، وتباين المرجعيات الفكرية، في عالم مليء بالتحديات، تواق إلى استشراف مستقبل أساسه، إعلاء شأن الانسان، وحفظ كرامته، وضمان حريته وصون حقوقه.
كما استعرض السيد أوجار مجموعة من أوراش البناء والنماء التي فتحتها المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تعددت مجالاتها وتنوعت سبلها لتحقيق هدف واحد وهو خدمة الانسان وصون كرامته والارتقاء في خدمته وتوفير سبل العيش الكريم له.
وأضاف أن مظاهر الاصلاح تعددت بين ما هو سياسي يترجمه صدور دستور جديد مكن من خلق طفرة نوعية في الحياة السياسية غير مسبوقة وأتاح للمملكة العبور إلى باحة الأمن والاستقرار في خضم محيط إقليمي ودولي يعج بالاضطراب، ومنها ما هو حقوقي يكرس الخيار الوطني في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ومنها ما هو اجتماعي يتوخى تحقيق تنمية اجتماعية متكاملة.
واستطرد قائلا “لقد آمنا في المملكة المغربية بأن أوراش الاصلاح الكبرى لا يمكنها أبدا أن تؤتي أكلها ما لم يواكبها إصلاح هيكلي ومؤسساتي عميق في منظومة العدالة، وما لم تؤطرها ترسانة تشريعية يتحقق بتنزيلها مبدآ الحكامة في التدبير والنجاعة في الأداء”.
وذكر ، في هذا السياق، أن المغرب قطع في هذا المسار شوطا مهما تمكن خلاله من تنزيل جملة من المبادئ الدستورية التي تم التنصيص عليها صراحة في الدستور وعلى رأسها استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كهيأة دستورية مستقلة ومتنوعة التركيب، تحت رئاسة صاحب الجلالة، تتولى السهر على تطبيق الضمانات المخولة للقضاة، وتدبير مسارهم المهني.
وأبرز السيد أوجار أن من أهم الأوراش التي تنكب عليها وزارة العدل حاليا ورش الرقمنة، إذ تسعى إلى التخلي عن كل الدعامات الورقية لصالح الدعامات الإلكترونية و تقديم خدمات العدالة عن بعد بدءا من الولوج إلى المحكمة ووصولا إلى الأرشفة الالكترونية وما يتخلل ذلك من مسار التقاضي أو الخدمات التي تقدمها المحاكم مع حرص الوزارة على توفير الأمن السجلاتي والمعلومياتي والوثائقي.
وقال في هذا الصدد، إن “المحكمة الرقمية تعد رهانا نسعى إلى تحقيقه في أفق سنة 2021 وقد أعددنا التصورات اللازمة بهذا الخصوص وشرعنا في تنزيل مقتضيات هذا المشروع الطموح الذي سيشكل طفرة نوعية على درب الاصلاح ويعطي سندا قويا لتفعيل الحكامة والنجاعة القضائيين ويسهل مهمة التواصل ويوفر الكثير من الوقت والجهد، ويتيح فرصا أكبر لتسريع وتيرة البت في الملفات المعروضة على المحاكم ، فضلا عن دعم الشفافية و التخليق “.
ويشكل هذا الملتقى القضائي العالمي ، المنظم من قبل الودادية الحسنية للقضاة والاتحاد الدولي للقضاة، فرصة لبناء جسور التواصل والحوار وتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من خبرة وتجربة هامات قانونية وقضائية عبر العالم من أجل إيجاد حلول عملية تتجاوز اختلاف الأنظمة القانونية وتنازعها.
كما يعد هذا المؤتمر مناسبة للتأكيد على وحدة المملكة وعلى عدالة القضية الوطنية، وكذا فرصة لتعزيز أوجه الشراكة بين المغرب وعدد من الدول والمؤسسات العالمية الكبرى.
وتتوزع فعاليات هذا المؤتمر ، المنظم إلى غاية ال18 أكتوبر الجاري، على مجموعة من الأنشطة واللقاءات والورشات لمناقشة عدد من المحاور الهامة الآنية المتعلقة بقضايا العدالة والتحديات التي تعرفها المؤسسة القضائية عبر العالم في المجالات المدنية والجنائية والتجارية والحقوقية.
كما يناقش المشاركون في هذا المؤتمر العديد من المواضيع ذات الصلة بالأساس، بكيفية التعامل مع الجهات والسلط ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي التي قد يقوم بعضها بالإخلال بالاحترام والاعتبار الواجب للمؤسسة القضائية ويحاول التأثير أو التشكيك في قرارات القضاة ، وحدود حرية التعبير والآليات للحد من تدخل السياسي في الشأن القضائي ، والاستراتيجيات الملائمة لتدبير جيد للزمن القضائي ولسير إجراءات المحاكم ، وكيفية حماية الشهود والضحايا في قضايا الاستغلال الجنسي ومقاومة المنظمات الإجرامية العابرة للقارات، وكذا كيفية تعامل القضاء مع إشكاليات اللاجئين وضمان كرامتهم وصون إنسانيتهم، والتدابير الملائمة لمقاربة إشكاليات الهجرة ومحاربة جرائم الاتجار بالبشر.