الزيارة الملكية للصين أساس لبناء علاقات استراتيجية أكثر قوة (أستاذ جامعي)
أكد، إدريس لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بجامعة القاضي عياض في مراكش، أن الزيارة الملكية للصين وإصرار البلدين على إقامة شراكة استراتيجية، تشكل أساسا لبناء علاقات استراتيجية أكثر قوة.
وقال السيد لكريني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الزيارة الملكية الميمونة تنحو للرفع من حجم التعاون القائم بين البلدين على مستوى الزيادة في الزيارات وتبادل الخبرات في مختلف المجالات الحيوية وتنسيق المواقف إزاء القضايا الإقليمية الدولية، علاوة على إيلاء الاهتمام للتعاون في المجال التكنولوجي والعسكري بين الجانبين، وهي مؤشرات تبرز نجاح الزيارة، وتشكل أساسا لبناء علاقات استراتيجية أكثر قوة.
وأضاف أن توجه المغرب نحو الصين يعكس الدينامية التي طبعت الدبلوماسية في السنوات الأخيرة، من حيث التفاعل مع المتغيرات الكبرى التي شهدتها الساحة الدولية على مختلف الواجهات الاقتصادية والسياسية والأمنية، واستيعاب الأبعاد الاستراتيجية للدبلوماسية في عالم اليوم.
وأشار الى أن المصالح العليا للدول تفرض تجنيد كل الإمكانيات المشروعة الداعمة للثوابت والأهداف الكبرى التي تقوم عليها سياستها الخارجية، التي لم تعد مقتصرة على نسج وتعزيز العلاقات التقليدية بين الدول، بل أصبحت تحمل على كاهلها في عالم اليوم مسؤوليات جسام، ترتبط بتدبير الأزمات المختلفة وجلب الاستثمارات وتعزيز المصالح العليا للدولة في جوانبها ومظاهرها المتعددة، بالإضافة إلى المساهمة في خدمة قضايا السلم والأمن الدوليين.
وذكر أن أهمية الزيارة الملكية إلى جمهورية الصين الشعبية تكمن في ثلاث اعتبارات أساسية، أولها يتعلق بالمكانة الوازنة التي تستأثر بها الصين كقطب دولي فاعل ومؤثر في العلاقات الدولية، ثانيها ترتبط بامتلاك الصين للعضوية الدائمة في مجلس الأمن، المسؤول الرئيسي عن حفظ السلم والأمن الدوليين، وما يتصل بذلك من تأثير فعلي على مستوى اتخاذ القرارات الدولية، وثالثها يتصل بالإنجازات الكبرى التي حققتها الصين كقطب اقتصادي وازن على مستوى النمو المتسارع والقياسي في العقود الأخيرة.
وأضاف أن تعزيز وتمتين العلاقات المغربية مع قوى دولية كبرى من قبيل الصين هو أولا خيار سيادي يعكس استقلالية القرار الخارجي للمغرب، وتوجه يدعم تنويع علاقاته وشراكاته مع مختلف القوى الدولية، سواء في إطار علاقات جنوب-جنوب أو جنوب-شمال، دون التفريط في علاقاته الاستراتيجية مع شركائه التقليديين.
وقال إن هذا الخيار مربح بكل المقاييس الاستراتيجية والاقتصادية، بما يعنيه ذلك من تمتين العلاقات والمراهنة على مواقف الصين الداعمة لوحدة وسيادة الدول، بصدد قضية الصحراء المغربية، خصوصا وأن البلدين معا عانيا من مخاطر الانفصال وعلى وعي كبير بكلفته الخطيرة على مختلف الواجهات.
من جهة أخرى، أوضح السيد لكريني، وهو أيضا مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، أن جمهورية الصين الشعبية تقدم تجربة تنموية رائدة على المستوى الدولي، كما تشكل سوقا ضخمة ومربحة، بما يفيد الدول الصاعدة على مستوى الاستفادة من إمكانياتها وتجاربها ومن فرص الاستثمار التي توفرها، مذكرا أن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين هو مقدمة أساسية وضرورية لتطوير المواقف والتنسيقات بصدد العديد من القضايا المشتركة والإقليمية والدولية، خاصة وأن الصين تراهن بدورها على تمتين هذه العلاقات مع بلد مستقر له من المقومات المحفزة على الاستثمار والداعمة لجعله بوابة لتعزيز علاقاتها مع مختلف البلدان الإفريقية.