دعا المشاركون في ندوة نظمت، اليوم الأربعاء، بالرباط، حول “عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وتحديات المستقبل”، إلى إعمال الدبلوماسية الموازية لمواكبة التحركات والمبادرات التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في إفريقيا. وأبرز المشاركون في هذه الندوة، التي نظمها مجلس مقاطعة السويسي، وأطرها الإعلامي محمد التجيني، أن الاستراتيجية الدبلوماسية الملكية أدت إلى تحولات كبرى طالت العلاقات التي تجمع بين المغرب وعمقه الإفريقي، مؤكدين أن هذه الاستراتيجية تستوجب مواكبة حقيقية من طرف الأحزاب، والبرلمان والمجتمع المدني.
وثمنوا، في هذا الإطار، نجاعة الدبلوماسية الملكية، والتي توجت بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، كخطوة جاءت لتعزز مصالح المملكة في القارة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، السيد طارق اثلاثي، إن الاستراتيجية الملكية بإفريقيا بنيت على ثلاثة مرتكزات أساسية، تتمثل في تحرير الإنسان الإفريقي من فكرة الاستعمار، والدفع باتجاه الاستغلال الأمثل للإمكانات والثروات الطبيعية لبلدان القارة، والانتقال من منطق الدعم القائم على الصداقات إلى بناء شراكات اقتصادية قوية.
وأضاف أن جلالة الملك وضع، منذ اعتلائه العرش سنة 1999، الأسس لهذه المرتكزات، والتي جاءت في الخطاب الذي ألقاه جلالته في افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري سنة 2014، حيث أكد جلالته “التزم المغرب التزاما كاملا بانتمائه الطبيعي لإفريقيا”، والعمل “لفائدة التنمية الاقتصادية للقارة”. وبعد أن تطرق إلى المتغيرات السياسية والإقليمية التي شهدتها القارة، خلال السنوات الأخيرة، أكد الأستاذ الجامعي أن “المحور المعروف بمعاداته للوحدة الترابية للمملكة أصبح يتلاشى بعد العودة المظفرة إلى الاتحاد الإفريقي، وفي ظل تأييد أغلبية ساحقة من دول القارة التي آمنت بالمشروع الحداثي والتنموي للمملكة، الرامي إلى تطوير القارة والخروج بها من براثن الفقر والتهميش”.
من جهته، توقف الباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، الأستاذ الموساوي العجلاوي، عند التحديات المرتبطة بمرحلة ما بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي، مؤكدا أن هذه العودة تشكل خطوة إيجابية وقرارا تاريخيا يأتي في سياق العلاقات المتجذرة بين المغرب والدول الإفريقية.
وأضاف الأستاذ العجلاوي أن “هذه العودة ستدفع، بلا محالة، القادة الأفارقة إلى تحديد الأولويات المرتبطة أساسا بالتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي للقارة بأكملها، وتقوية نفوذها على الصعيد الدولي، مع تحرير الجسم الإفريقي من أجندات خارجية وذاتية لا تخدم بتاتا مصالح القارة الإفريقية”. وأبرز أن “التحركات الملكية في إفريقيا جاءت ضدا على سياسة العزلة التي يحاول بعض خصوم الوحدة الترابية للمملكة فرضها عليها”، مضيفا أن هذه التحركات كان لها أثر إيجابي جدا في عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية.
واعتبر أن المغرب يجد نفسه اليوم أمام محطة مفصلية تستدعي تدبير العودة إلى المؤسسة القارية، بعد أزيد من ثلاثة عقود من الغياب، وتعزيز دور المجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة، فضلا عن تكثيف الجهود الموازية.
من جانبه، أكد الإعلامي محمد التجيني، أن عودة المملكة إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي يرجع الفضل فيها إلى الدبلوماسية الملكية، مشددا على أن المحطة المقبلة تتمثل في مواكبة هذه العودة عبر إعمال دور المؤسسات المنتخبة ومنظمات المجتمع المدني، ل”تدارك الغياب السياسي للمغرب داخل القارة وتقوية حضوره الاقتصادي”.
وأوضح أن التحدي الذي يواجه القارة الإفريقية اليوم، لم يعد ينحصر في القضاء على آفتي المجاعة والأوبئة، بل أصبح يشمل تعزيز الأمن والسلم واستقرار القارة، في ظل تنامي حركات العنف والإرهاب، وهو ما يتطلب تعاونا وثيقا بين كافة الدول الإفريقية للتغلب عليها.
وكان رئيس مجلس مقاطعة السويسي، السيد عادل الأتراسي، أكد في كلمة افتتاحية للندوة، أن هذا اللقاء يهدف إلى تسليط الضوء على تحركات ومبادرات جلالة الملك التي شملت عددا من الدول الإفريقية، وإبراز الدور المحوري لاستراتيجية الدبلوماسية الملكية التي ترتكز على أساس التعاون جنوب-جنوب، وتتسم بأبعاد اقتصادية وسياسية ودينية وإنسانية.