الدعوة إلى تغيير ثقافة الحوار الاجتماعي نحو مقاربة تشجع بناء التوافقات وتوسيعه ليتجاوز مجرد التفاوض حول المطالب (تقرير)

0 487

 

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره السنوي لـ 2017، إلى إحداث تغيير في ثقافة الحوار الاجتماعي، وذلك من خلال العمل على ممارسته وفق مقاربة تقوم على تشجيع بناء التوافقات بين الشركاء وتوسيع نطاق الحوار الاجتماعي، بما يتجاوز التفاوض حول مطالب الأطراف المعنية، من أجل الانكباب على القضايا التي تتطلب تعبئة جماعية.

وأوضح التقرير، الصادر أول أمس السبت، أن الحوار الاجتماعي، الذي طالما اعتبر إطارا للتفاوض بين المشغلين والأجراء حول ملف مطلبي، لا يمكنه أن يتجاهل التحولات الجديدة التي يشهدها عالم الشغل ولا الطابع المركب للإشكاليات الجديدة المرتبطة بسوق الشغل، معتبرا أنه ينبغي توسيع نطاق الحوار الاجتماعي ليشمل التشاور وتبادل المعلومات والاستشارة بين الشركاء المعنيين بمجال الشغل.

وسجل أن تحسين ظروف العمل، باعتباره الغاية المنشودة من كل حوار اجتماعي، يقتضي العمل على تطوير الشكل الحالي لهذا الحوار، مبرزا أن عقد اجتماع نصف سنوي بين الشركاء الاجتماعيين، يظل صيغة لا تتيح تقديم إجابات عن جميع الإشكاليات العالقة، ولا يمكن إلا أن يتم اختصار هذا اللقاء في التفاوض حول المطالب الرئيسية للنقابات، بل ودون إلزامية الخروج باتفاق.

وأضاف المصدر ذاته أن “مأسسة مسلسل الحوار الاجتماعي تعد الوسيلة الكفيلة بضمان انعقاده بشكل منتظم، بغض النظر عن الأجندة السياسية”، داعيا للتفكير في تبني نمط جديد لتدبير الحوار الاجتماعي يكون ملائما للسياق المغربي ويأخذ بعين الاعتبار التحولات السوسيو-اقتصادية المتسارعة وأشكال العمل الجديدة التي لا يشملها بعد التشريع الحالي المنظم لمجال الشغل، علاوة على وضع آليات لتتبع تنفيذ القرارات والتوصيات المتمخضة عن الحوار الاجتماعي، بغية ضمان ديمومتها وفعاليتها.

وأشار التقرير إلى “أن عقد الحوار الاجتماعي على مستوى المجالات الترابية يشكل سبيلا لتمكين الشركاء الاجتماعيين من المزيد من تملك هذا المسلسل بفضل نقله إلى الصعيد المحلي”، موضحا أن إحداث هيئات للحوار الاجتماعي على المستوى الجهوي من شأنه الاستجابة للحاجيات السوسيو-اقتصادية المحلية، وأن يكون رافعة قوية لإقامة دينامية تشاور أكثر ملاءمة لخصوصيات كل حوض من أحواض التشغيل.

من جهة أخرى، أبرز المجلس أن عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل من طرف المشغلين هو السبب الرئيسي لخوض الإضرابات، مشيرا إلى إلى أن 27.4 في المائة من الإضرابات سببها عدم أداء الأجور أو التأخر في أدائها، و12.5 في المائة بسبب الحرمان من الامتيازات الاجتماعية و10.6 في المائة بسبب الفصل من العمل، وهذه الأرقام لا تشمل الوظيفة العمومية والتوقيف الجماعي للعمل، على اعتبار أنه ليس الوسيلة الوحيدة للتعبير في حالات النزاعات بين الأجراء والإدارة داخل المقاولات.

وبحسب التقرير، يجب على المشغلين اعتماد الحوار وثقافة التوافق داخل المقاولة كوسيلة فعالة من أجل ضمان مناخ عمل سليم كما يتعين على السلطات العمومية العمل على تعزيز آليات التدخل بغية الحرص على احترام الحقوق الأساسية للأجراء، من خلال تعزيز قدرات هيئات التفتيش والمراقبة لتسوية نزاعات الشغل بالإضافة إلى تشجيع إبرام الاتفاقيات الجماعية، والتي تم توقيع سبع منها خلال 2017.

وعلى مستوى تنزيل مقتضيات الدستور، أشار التقرير إلى التأخير المتراكم في تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية وضعفها قياسا بانتظارات المجتمع المدني وبروح الدستور، مسلطا الضوء على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تمكن من ضمان العيش الكريم للجميع.

كما ركز التقرير في هذا الصدد على أهمية الدور الذي يضطلع به المجتمع المدني والهيئات الوسيطة والمؤسسات المنتخبة على الصعيد المحلي في فتح الحوار مع السكان والاستجابة لمطالبهم الاقتصادية والاجتماعية المشروعة، وبالتالي تفادي أن تتحول هذه المطالب إلى إحساس بالحيف الاجتماعي والتهميش والإقصاء. ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في هذا الإطار، السلطات العمومية للعمل بتشاور مع المجتمع المدني على المستوى المحلي وتزويده بالوسائل اللازمة حتى يتمكن من القيام بدوره على الوجه الأكمل، والمتمثل بالأساس في مواكبة وتأطير المواطنين والتحاور معهم والعمل على انخراطهم في تدبير الشأن المحلي.

µ

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.