التواصل الرقمي بين الأستاذ والمتعلم… ضرورة تربوية تحتاج إلى ترشيد

0 391

بقلم: حميد حنصالي –

في السنوات الأخيرة، أصبحت الوسائط الرقمية حاضرة بقوة داخل الفضاء المدرسي المغربي، حيث وجد الأساتذة والمتعلمون في تطبيقات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “الواتساب”، وسيلةً سهلة لتبادل الدروس وتنظيم الأنشطة ومتابعة التعلم عن بُعد. لقد غيّرت التكنولوجيا ملامح التواصل التربوي، وفتحت آفاقًا جديدة للتفاعل بين الفاعلين التربويين.

لكن، وكما يقول المثل: «كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده».
فما كان في البداية وسيلةً للتقريب والتيسير، أصبح في كثير من الأحيان مصدرًا للتعب والتشتّت. إذ صار بعض التلاميذ يقضون ساعات طويلة أمام هواتفهم في انتظار رسائل أو واجبات، ما يؤدي إلى ضعف التركيز، اضطراب النوم، وتراجع المردودية الدراسية.

هذه الوضعية تطرح بإلحاح سؤال الترشيد والمسؤولية. فالتربية الرقمية اليوم ليست ترفًا، بل ضرورة أخلاقية وتربوية. ويتعيّن على الأستاذ أن يحدّد أوقاتًا مضبوطة للتواصل، وأن يختار محتواه بعناية، مراعيًا ظروف المتعلمين وأسرهم. كما ينبغي للأسرة أن تنخرط في التوجيه والمراقبة، حمايةً لأبنائها من الإدمان والاستخدام غير المتوازن.

إنّ المدرسة المغربية مطالبة اليوم ببناء ثقافة رقمية تربوية تجعل من الهاتف أداة للتعلّم، لا وسيلة للشرود، ومن وسائل التواصل فضاءً للمعرفة، لا بديلاً عن القسم.

وفي النهاية، يظلّ ترشيد استعمال التكنولوجيا جزءًا من التربية الحديثة، ومسؤوليةً مشتركة بين الأستاذ، والأسرة، والمتعلم، حتى نُحصّن أبناءنا من فوضى العالم الافتراضي ونوجّههم نحو تعلمٍ واعٍ ومسؤول يليق بجيل يعيش زمن الرقمنة والمعرفة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.