الإشكال التنموي بالمغرب وسؤال التقييم
التحدي الكبير الذي يواجه المغرب في سياساته التنموية ، يتمثل أساسا في اعطاء اولوية لتسريع وثيرة الانجاز بعيدا عن الطرح المندمج والشامل، وهذا يتطلب استراتيجية واضحة المعالم منطلقة من اشكاليات مدروسة من واقع مركب ، وسم معالم لتحديد الرؤية والأهداف التي يجب الوصول إليها خلال سقف زمني محدد، مع توفير الإمكانيات وكذلك طرق ومصادر التمويل المتاحة والموارد. واستحضار جميع الاكراهات
فادا كانت أي سياسة تنموية غير قادرة على خلق المزيد من الثروات ومناصب الشغل وتحقيق المؤشرات، وبالتالي، تحسين مستوى رفاهية المواطن أينما وجد، بالبادية أو المدينة وفي أي مجال ترابي، تبقى سياسة تكرس التقهقر وزيادة في منسوب المشاكل بمختلف اشكالها .
لقد اعتمد المغرب مند عقود من الزمن، على عدد من السياسات ابتداء من المخططات الى الاستراتيجيات القطاعية، الى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهو تحول هام في التعاطي بشكل مرن مع مسألة التنمية على مستوى قطاعات إنتاجية محددة ،لكن ارتبط هدا الاهتمام ببعض التراكمات الإيجابية المرحلية لقطاعات بعينها في معزل عن الانعكاسات السلبية والانكباب على قطاعات مستقلة دون اخرى، لكن تحليل هذا المسار يعطينا الخلاصات التالية :
-1 عدد من هذه الاستراتيجيات كانت لها فعالية جد محدودة على القطاعات المعنية مقارنة مع الأهداف التي سطرتها.
ـ 2 غياب الارتباط بين هذه الاستراتيجيات، أي غياب الرؤية الشمولية لتنمية البلاد والتي تشكل الأرضية الفعلية لجميع هذه الاستراتيجيات القطاعية.
ـ 3 لم يكن هناك أي طرف مسؤول ومستقل له القدرة على تأكيد جدية هذه الخطاطات، وأنها ترقى فعلا لدرجة استراتيجيات قطاعية يجب اعتمادها، وأن نتائجها ستكون جدية.
ـ 4 عدد من الاستراتيجيات تم اعتمادها وتم الخروج منها بدون اعتماد قواعد مؤسساتية محددة ،تدرج في الدارسة العميقة في لجنة خبراء ثم المصادقة في مجلس حكومي ثم مرورا بالبرلمان ، وبالتالي تصبح العملية غير قانونية كونها لم تتخدد المسار الصحيح .
ـ 5 لم تكن هناك أي مصاحبة او تنسيق في مراحل التنزيل ،ثم تقييم مرحلي لتصحيح وتحديد مدى التقدم في تحقيق الأهداف المرسومة لهذه المخططات؟
ـ 6 لم يكن باستطاعتنا منذ انطلاق الاستراتيجيات الأولى، التأكد من أن هذه الخطاطات التي تقدم بها عدد من المسؤولين ترقى فعلا لمرتبة استراتيجيات، ولم يكن باستطاعتنا تحديد جودتها ولا انتقادها، لأنها في بدايتها الأولى، وكان ضروريا إعطاؤها فرصة التنفيذ ؟
نحن اليوم، وبعد مرور أكثر ثلاث عقود على نفاد وعدم جدوى هده الخطاطات ، لا يسمح لنا بطرح سؤال الجودة والقدرة على تطوير قطاعاتنا في اطار منظور شمولي ، بقدر ما نحتاج الى اعادة مراجعة شاملة لطرق التفكير والتدبير، فالأرقام المتوفرة الآن تفرض علينا بجد تقييما موضوعيا لمختلف هذه الاستراتيجيات، سواء في قطاع الفلاحة “المغرب الاخضر” أو السياحة مخطط 20 الف سائح ، أو الصناعة التقليدية اوالمقاولات الصغيرة والصيد البحري اليوتيس والتصدير….
الزمن التنموي للبلاد يحتاج تدبيرا افقيا وعموديا دقيقا لا مجال فيه للهدر وللتجارب المختبرية، ولا يقبل الاستمرار في نفس المغامرات، فالميزانيات المرصودة لهذه الاستراتيجيات كانت خيالية، وهو ما يتطلب وضع آليات تسمح بمأسسة هذا المجال الذي تحول إلى نوع من التمارين السهلة لعدد من الاطر سواء من التكنوقراط او الوزراء الذين يقترحون استراتيجيات غير مضمونة النتائج، في منأى عن اية محاسبة ، وهو ما تؤكده اليوم مختلف الأرقام والمؤشرات.
ـ فهل يسمح لنا الزمن بهدر اكثر من الزمن السياسي الدخول في تجارب تنموية اخرى تأخذ صبغة الوجبة السريعة ؟
ـ متى يحين الوقت لفتح نقاش عمومي رزين ومسؤول تنخرط فيهكل الفعاليات الوطنية يسمح برسم معالم نموذج تنموي ؟
ـ الى متى سنبقى نستجدي الحكومات لا حداث مناخ سياسي وتجاوز السياسات الارتجالية والتدبيرية ؟
ـ الم يحن الوقت لرسم معالم الدولة الوطنية ؟