اتفاقية الاستثمار والنزاعات التجارية محور الحوار الاستراتيجي بين بكين وواشنطن

0 480

من المقرر أن يلتقي مسؤولون سامون من الصين والولايات المتحدة، اليوم الاثنين ببكين، في إطار الجولة الثامنة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي، لبحث سلسلة واسعة من القضايا الاقتصادية من سياسات ماكرو اقتصادية واتفاقية الاستثمار إلى الطاقة الصناعية الفائضة والنزاعات التجارية.

وتتزامن هذه الجولة السنوية رفيعة المستوى من الحوار، هذا العام، مع استضافة الصين لقمة مجموعة العشرين وإجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وذكر مصدر رسمي أنه في الوقت الذي يبدو أنه من المبكر التنبؤ بنتائج هذه الدورة، إلا أن التجارب السابقة تبين بأن الحفاظ على الحوارات المنتظمة والانخراط المتواصل بين أكبر اقتصادين في العالم أمر بالغ الأهمية على نحو متزايد للبلدين والاقتصاد العالمي.

ورجح المصدر أن تتصدر المفاوضات بشأن معاهدة الاستثمار الثنائي أجندة الحوار المرتقب، حيث تعتبر هذه المفاوضات القضية الأهم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وأكد قادة أعمال ومسؤولون سابقون كبار من الصين والولايات المتحدة في بيان مشترك، بعد انتهاء لقاء سنوي الشهر الماضي، أن”استكمال معاهدة عالية الجودة للاستثمار الثنائي على المدى القريب يمثل أهم فرصة لتعزيز الاستثمار بين البلدين”، معتبرين أنه “لا توجد علاقات استثمارية في العالم تزخر بإمكانيات أكبر من تلك الموجودة بين الصين والولايات المتحدة”.

وبينما اعترف المشاركون في الحوار بأنه قد تكون لديهم خلافات بشأن نطاق الاتفاقية، إلا أنهم اتفقوا على دعوة الحكومتين الصينية والأمريكية إلى “إتمام مثل هذه الاتفاقية بنهاية العام الجاري”.

ونقلت وكالة (شينخوا) عن النائب الأول لرئيس مجلس الأعمال الأمريكي-الصيني، إيرين إينيس، أنه يأمل في أن تتقدم الصين بقائمة سلبية جديدة، للقطاعات المغلقة أمام الاستثمار الأجنبي، خلال هذه الجولة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي للدفع بمحادثات اتفاقية الاستثمار قدما.

وأعرب إينيس عن اعتقاده بضرورة أن يتحلى الجانبان بالواقعية، كما يساوره القلق إزاء “عدم وجود وقت كاف من الآن حتى نهاية دجنبر لاستكمال الاتفاقية، إذا لم يتم العمل على ذلك بسرعة”.

وكانت آخر مرة تبادل الجانبان القوائم السلبية في مطلع شتنبر العام الماضي، قبيل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الولايات المتحدة.

وأجرى الجانبان 24 جولة من المباحثات بشأن المعاهدة منذ انطلاق المفاوضات بشأنها في 2008 بهدف تعزيز الاستثمارات المتبادلة.

وقد أعرب مسؤولون بالبلدين مرارا عن رغبتهم في إتمام الاتفاقية قبل أن يغادر الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض في يناير العام المقبل.

وفي الوقت الذي تشعر فيه الولايات المتحدة بالقلق إزاء سعر صرف الرنمينبي والنمو في الصين، فإن المراقبين يرون أن من مصلحة البلدين أن يجريا محادثات صريحة بشأن السياسات الماكرو اقتصادية والمالية، هذا العام ، وسط توقعات بأن يرفع الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة في الأشهر القادمة.

ومن المقرر أن يعقد الاحتياطي الفدرالي اجتماعه المقبل بعد أسبوع تقريبا من الحوار الصيني -الأمريكي رفيع المستوى. وقد رفعت التوقعات بشأن رفع سعر الفائدة بحلول هذا الصيف قيمة الدولار الأمريكي وزادت الضغط الهبوطي على العملة الصينية.

ويجمع المراقبون على أن لدى الصين والولايات المتحدة رغبة في رؤية سعر صرف مستقر نسبيا لليوان، لأن من شأن سعر صرف مستقر نسبيا لليوان أن يساعد الصين على هندسة انتقال اقتصادي سلس والحفاظ على سوق مالي مستقر، ما يمكن أن يمهد الطريق للاحتياطي الفدرالي لكي يزيد من رفع سعر الفائدة.

كما سيساعد التواصل الشفاف من جانب صانعي قرار الاحتياطي الفدرالي على تخفيف عوامل الشك في السوق العالمية وتدفقات رأس المال من الصين، وبالتالي تجنب انخفاضات كبيرة في قيمة الرنمينبي إلى حد ما.

وقال نائب وزير المالية الصيني تشو غوانغ ياو يوم الخميس الماضي، إن الاحتياطي الفدرالي يجب أن يتواصل بشكل أفضل مع الصين والأسواق المالية بشأن قراراته المتعلقة بسعر الفائدة، مشيرا إلى أنه يتعين على أكبر اقتصادين في العالم أيضا تعزيز التنسيق والتعاون بشأن السياسات.

وبخصوص فائض الطاقة الصناعية والنزاعات التجارية، يأتي الحوار الاستراتيجي في وقت لجأت فيه وزارة التجارة الأمريكية إلى فرض رسوم لمكافحة الإغراق والدعم على منتجات الفولاذ الصينية للتخلص من ركود سوق الفولاذ في وقت أصبحت مسألة الطاقة الفائضة في هذا المجال تمثل تحديا عالميا كبيرا.

وفي الوقت الذي تدعو فيه واشنطن الصين إلى خفض الطاقة الصناعية الزائدة في القطاعات المعدنية الأساسية، وجعل العرض في هذه القطاعات أكثر استجابة لظروف الطلب المحلية والعالمية، فإن الصين ترفض إساءة استخدام التدابير العلاجية التجارية، وفقا لما ذكره تشو يوم الخميس الماضي، مضيفا أن الجانبين بحاجة إلى الالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية والحوار لحل النزاعات التجارية.

وشدد تشو على ضرورة “رفض الحمائية التجارية في سياق قواعد التجارة الحرة التي تمت الموافقة عليها وتخدم مصالح الطرفين”.

كما حذر خبراء التجارة الأمريكيون من مغبة اللجوء الى الحمائية لأنها “لن تعالج الآلام الكبيرة” التي تعاني منها صناعة الفولاذ الأمريكية كما أن القيود على الواردات ستضر بالاقتصاد الأمريكي الكلي ولن تخدمه.

واعتبر الخبراء أن ظهور المشاكل والتناقضات أمر لا مفر منه على خلفية التوسع السريع في التجارة والاستثمار بين البلدين في السنوات الأخيرة، إلا أن آلية الحوار الاستراتيجي والاقتصادي قد لعبت دورا مهما في تعزيز الثقة المتبادلة وتدبير الخلافات وتجنب سوء الأحكام في العلاقات الاقتصادية الثنائية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.