إهمال المدرسة العمومية من أسباب تخلف أغلب البلدان العربية :

0 255

في ظل تردّي وتدني مستوى التعليم العموميّ في معظم البلدان العربية، على العموم اضطرّ الآباء إلى اللّجوء إلى التعليم الخصوصيّ لتسجيل أبنائهم في مدارس حُرّة ظنّاً منهم أن هذا هو الحلّ الوحيد لإنقاذ أبنائهم من خلال تلقّيهم تعليماً ذا جودة عالية، إلّا أنهم يجهلون أن المنظومة التربويّة في كلا التعليميْن، الخاصّ و العام ، مُتجاوَزة و قديمة، تعتمد أساليب تقليدية في تدريسها، كالإلقاء و المُحاضرات الفارغة…. ناسيةً أوْ مُتناسيَةً أن الاعتماد على هذا الأسلوب لا يُجدي نفعاً بحيث يقوم بتأثيث ذاكرة المتعلّم فقط، لا يفتأ أن يدوس النسيان على تعلُّماته في ظرف وجيز و لا يستفيد مما اكتسبه من مدرسته الفاشلة. ففي البلدان التي تهتم بعنصرها البشريّ تعتمد التعليم التطبيقي أكثر من النظريّ، و بذلك تُعِدّ أجيالها الناشئة للانخراط في سوق الشغل الذي أعدّت له مقوّماته الأساسية من مصانع و معامل.. من أجل الاستثمار في ثروتها البشرية التي هي الركيزة الأساسية في بناء بلدانها في كل المجالات و الميادين، و بتعليمها المتطوّر الحديث استطاعت أن تتبوّأ هذه البلدان مراتب عليا بين أمم الأرض، كما اهتمت كذلك بالبحث العلمي و الذي ترصد له كل سنة ميزانية هائلة تفوق كل ميزانيات القِطاعات الأخرى، في الوقت الذي يغيب فيه البحث العلمي في البلدان العربية التي لا تُولي هذا الأمر أي اهتمام و لا تُخصِّص له من ميزانية هذه اللدولل إلّا الفُتات، تلك الميزانية التي تذهب إلى قطاعات أخرى غير مُنتجة و لا مصلحة للشعوب فيها في هذه المرحلة التي تتنافس فيه دول العالم على تقوية اقتصاداتها و تنمية بلدانها على أسس متينة و صلْبة بخلاف الدول العربية التي لا تهتم بتقوية اقتصاداتها من خلال برامج طموحة تُراعي فيها كيفية رِبْح رهانات التنمية البشرية في بلدانها عوض صرف أموال طائلة (أموال الشعب) في المِهرجانات و الحفَلات التافهة، التي لا تُفيد في شيء، بذريعة، أنها من تُراث و ثقافة هذه البلدان، يجب المُحافظة عليها ..
فالمسؤولون على تدبير الشأن العام و إدارة أمور بلدانهم في اتجاه وضعِها على سكّة التحديث و التّقدُّم و التطوّر والازدها، يبدو، أنّهم غير آبِهين بذلك، و غير مُهتمّين بالرّفع من مستوى بُلدانِهم لِتَتبَوّأَ المَراتب العُلا و المرموقة بين أمم العالم المُزدَهرة، نَعم، إنّ الطبقات المَسؤولة لا تهمها بلدانها في شيء، و كل اهتمامها تصُبّ في السعي وراء مصالحها الذّاتيّة و الشخصيّة، تجِدُها تستثْني الكفاءات من رجالِها في تقلُّد مناصِب و مواقع القرار للاستفادة من عِلْمِهم و خِبْرتِهم، و في كلّ المجالات و الميادين.. و مادامت هذه الطبقات لا تَحترم الشعوب و ليس في نيتها التفكير أبدا، في أيّ تغيير سياسيّ يقوم على الديمقراطية الحقيقية و الحرية و العدالة الاجتماعية التي تطمح إليها هذه الشعوب التي لازالت تعيش شريحةٌ واسِعةٌ منها أوضاعاً اجتماعية مزرية، تعيش في فقر مُدقع و جهل فاحش و بِطالة و عدم التشغيل و انعدام التطبيب و التّهميش و الإقصاء .الخ.، علماً أنّ جميع البلدان العربيّة تزخر بثرواتٍ طبيعيّة هائلة لا تُعدُّ و لا تُحصى تُذِرّ على ميزانياتِها الملايير من الدولارات بل البلايين.
أشير في هذا الصّدد، أنّ المَسؤوليّة في تردّي أوضاع التعليم في عالمنا العربيّ تقَع على عاتِق المَسؤولين الذين أبَوْا إلّا أنْ يُهمِلوا هذا القِطاع الذي يُشكِّل قُطب الرّحى في اقتِحام عالم اليوْم، عالم الحَداثة و التكنولوجيات المُتنوِّعة و المُختلفة، عالَم التّصنيع و الإبتكار و الإختِراع و الإكتشاف و التحضُّر، الذي وَضع قطيعةً مع التّخلُّف الفكريّ الذي لازالت الدول العربيّة ترزَح في براثِنِه و تعيش في أحضانه..
ا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.